إفادة
كُشف اليوم الأربعاء في الرياط عن تقرير مفصّل صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي يتناول وضع شريحة من الشباب المعروفين بـ NEET، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة والذين تركوا مقاعد الدراسة ولا يشغلون أي منصب عمل. أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس، أوضح خلال تقديمه للتقرير أن حوالي مليون ونصف المليون شاب، من بين ستة ملايين في هذه الفئة العمرية، يعانون من هذه الظاهرة، مما يثير القلق العميق نظرًا لغيابهم عن سوق العمل.
التقرير يسلط الضوء على أن إعداد هذه الدراسة تم بطريقة تشاركية شملت استماعًا للفاعلين المدنيين وممثلي القطاعات العامة والمنظمات الدولية، فضلًا عن المواطنين، إلى جانب زيارات ميدانية أجراها المجلس لعدة مناطق.
رئيس المجلس رضى الشامي عبّر عن تفاؤله بالإمكانات المتاحة لاستثمار طاقات هؤلاء الشباب في دفع عجلة الاقتصاد المغربي ومساعدتهم على الخروج من حالة الهشاشة الاجتماعية التي يعيشونها، مؤكدًا على أهمية معالجة هذه المشكلة للحفاظ على التماسك الاجتماعي.
ونبّه الشامي إلى أهمية مواجهة ظاهرة الهدر المدرسي وتعقيدات دخول النساء لسوق العمل، مشيرًا إلى أن النساء يشكلن نسبة 73% من شباب NEET.
من جانبه، أكد منصف كتاني، عضو المجلس ومقرر الرأي، على الحاجة الملحة لخطة وطنية تشمل استراتيجيات قصيرة ومتوسطة الأمد لتقليص عدد الشباب في هذه الفئة، مستعرضًا الاقتراحات والتوصيات التي خرج بها المجلس بعد دراسة معمقة لهذه الإشكالية.
كتاني شدد على أن الوضع الحالي يحول دون استفادة المغرب من مؤهلات هؤلاء الشباب اقتصاديًا، موضحًا أن المجلس يدعو إلى تنظيم حوار وطني يسهم في تعزيز التناغم بين مختلف السياسات العمومية لحل مشكلة الشباب NEET.
أضاف المجلس أن هناك ثلاث انقطاعات
رئيسية تفاقم هذه الظاهرة، الأول هو الانقطاع المدرسي بين مرحلة التعليم الإعدادي والثانوي التأهيلي، بسبب عوامل كالرسوب وصعوبة الوصول إلى المؤسسات التعليمية في المناطق القروية، إضافة إلى نقص مراكز التكوين المهني في هذه المناطق. الانقطاع الثاني يتعلق بالتحول من الحياة الدراسية إلى سوق العمل، حيث يواجه الشباب، وخصوصًا النساء، تحديات تشمل التمييز بين الجنسين وضغوطات الأعباء المنزلية، الأمر الذي يسهم في الشعور بالإحباط وعدم التوافق بين المهارات المكتسبة ومتطلبات سوق العمل. العنصر الثالث يختص بالفترة التي تتطلبها عملية الانتقال من وظيفة إلى أخرى، سواء بسبب الاضطرابات في سوق العمل أو بفعل التخلي التطوعي عن العمل أو تدني مستويات الأجور.
أخيرًا، قدم المجلس توصيات ترتكز على خمسة محاور أساسية لمعالجة وضع شباب NEET. المحور الأول يدعو إلى إنشاء نظام معلوماتي وطني لتتبع مسار هؤلاء الشباب ومساعدتهم على الخروج من وضعية NEET. المحور الثاني يركز على إنشاء منظومة شاملة لحماية الشباب من الوقوع في هذه الوضعية، من خلال برامج وقائية وضمان الالتزام بالتعليم حتى سن 16 سنة، وتعميم التعليم الجماعاتي في الأرياف، مع تحسين العرض العام في مجال التكوين المهني.
المحور الثالث يهدف إلى إنشاء منظومة استقبال موسعة توجه شباب NEET نحو حلول ملائمة لوضعياتهم المختلفة. في حين يركز المحور الرابع على تحسين جودة وفعالية الخدمات الموجهة لإدماجهم في سوق العمل. وأخيرًا، يسعى المحور الخامس إلى إرساء إطار للحكامة يعزز التكامل بين مختلف البرامج ويعزز التنسيق المستمر بين الجهات الفاعلة المختلفة، لضمان فعالية هذه الاستراتيجيات وتحقيق نتائج ملموسة في تحسين وضعية الشباب NEET في المغرب.
أضف تعليقك