الثلاثاء ١٦ أبريل ٢٠٢٤

هل العالم على أبواب حرب باردة بين القوى النووية؟

الثلاثاء 10 أبريل 12:04

نشرت صحيفة “بوبليكو” الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن تحول خطابات الشعبوية والقومية إلى وباء في صلب النظام العالمي الجديد، في ظل تعالي خطابات “روسيا أولا” أو “أمريكا أولا”، وتمجيد الثورة الثقافية للرجل الصيني العظيم في القرن الحادي والعشرين. عموما، لا يعد اعتماد القوى النووية الثلاث على هذا الخطاب من قبيل الصدفة أو دون هدف، حيث تخفي هذه النزعة في طياتها حربا باردة جديدة من شأنها أن تهز العالم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن تزايد الإنفاق العسكري، والتصعيد النووي، أصبح من المظاهر المهيمنة على النظام العالمي الحالي. ويضاف إلى ذلك التغييرات الاقتصادية بموافقة المجتمعات التي تسيطر عليها الرقابة وأيديولوجية ما بعد الحقيقة ضمن الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام.
وبينت الصحيفة أن نموذج القوة الرادعة الذي كان سائدا قديما عاد مجددا ليهيمن على العالم. وفي الوقت الراهن، اتخذ هذا التوجه منحى خطيرا للغاية، ما من شأنه أن يكشف عن تزايد التكتيكات والاستراتيجيات الهادفة إلى ردع القوى المتنافسة، في صلب النظام العالمي، لبعضها البعض.
في الآن ذاته، تبدو الاستراتيجية الجغرافية المعاصرة غير مستقرة بشكل أكبر، وتشمل مزيدا من مصادر التوتر. علاوة على ذلك، يميل الوضع الجيوسياسي إلى تفجير قنبلة موقوتة تحركها حرب باردة خفية، لا تحتاج سوى إلى الدافع حتى تنفجر على العلن. وتتغذى الحروب الباردة على أسلحة محددة ومدمرة، وتعوّل على قادة لا يترددون في الضغط على الزناد. في الأثناء، يتسم قادة الحروب الباردة بعدم توخي الحذر أو اعتماد طرق دبلوماسية مثل التي أنهت الحرب العالمية الثانية.
وأحالت الصحيفة إلى أن من بين التوجهات الأخرى السائدة في العالم، رفض حقيقة التغيير المناخي في ظل تعرض النظام البيئي للتهديد، ووضع الحواجز أمام التجارة الحرة في خضم العولمة وفجر الثورة الرقمية والثورة الصناعية الرابعة. كما اجتاحت العالم سياسات إغلاق الحدود أمام المهاجرين وحتى السلع، وتنامي مظاهر الكراهية للأجانب، وازدهار آليات الاستمرارية في السلطة.
وكشفت الصحيفة أن سيناريو جديد في إطار النظام العالمي ظهر بشكل خاص منذ أن وصل ترامب إلى إدارة البيت الأبيض. وعلى الرغم من بروز سيناريو القوة الرادعة في وقت سابق بقيادة الكرملين، وقبول بكين به، إلا أن الوضع الحالي لا يبشر بخير.
وأضافت الصحيفة أن تنامي الخطابات القومية من قبل القوى النووية الثلاث، أي روسيا بوتين، والولايات المتحدة الأمريكية بقيادة ترامب، والصين بقيادة تشي جين بينغ، لا يعد من قبيل الصدفة أو أمرا اعتباطيا. في الواقع، يعد هذا التوجه نتيجة لاستراتيجية محددة بشكل مسبق.
وأوضحت الصحيفة أن جذور انتشار الخطاب الشعبوي القومي في روسيا تعود إلى 15 سنة إلى الوراء. وقد لاقى هذا التوجه رواجا بالأساس منذ اقتحام وكيل الكيه جي بي السابق، فلاديمير بوتين، للساحة السياسي. وقد عمل بوتين على زرع قيم القومية في صفوف المقربين منه، والمسيطرين على السلطة الاقتصادية بمختلف انتماءاتهم.
وبينت الصحيفة أن الصين شهدت تنامي الخطاب القومي خلال السنوات الخمس الأخيرة، أي بالتزامن مع ظهور شي جين بينغ. وقد ساهم إعلان جين بينغ الذي يفيد بأنه “يرغب في أن تشهد الدولة التي تضم أكبر عدد من السكان حول العالم عهدا جديدا”، في تغلغل خطابه في المجتمع.
واعتمد الزعيم الصيني في استراتيجية النهوض “بأمته” خطة “التحول من المصنع الذي يصدر أكبر حجم من المنتجات بأرخص الأسعار في الخارج” إلى “التعويل على الاقتصاد التكنولوجي”. في الآن ذاته، يختفي وراء هذا الخطاب القومي نوايا أخرى نجح جين بينغ في بلوغها، ألا وهي التخلص من العائق الذي يحد من فترة ولايته في الصين.
وأحالت الصحيفة إلى أن صعود الشعبوية والخطاب القومي في الولايات المتحدة وقع بشكل مفاجئ وغير متوقع، منذ ظهور ترامب في الساحة السياسية واعتلائه سدة الحكم. وقد نجح ترامب في جعل غالبية الشعب الأمريكي يرى في رسالة “أمريكا أولا” عودة إلى العصور القديمة المزدهرة.
وأوردت الصحيفة أن روسيا تعد الدافع الذي حفز على استقرار النظام العالمي الجديد. ففي الواقع، يتسم فلاديمير بوتين بمزايا ويتفوق أمام منافسيه على مستوى الهيمنة على النظام العالمي. ولا تتمثل هذه الميزة في كونه الأقدم على الساحة السياسية من بين قادة القوى العظمى الثلاث فقط، بل تتجاوز ذلك إلى كون بوتين يعدّ أول من آمن بتغيير دورة النظام العالمي.
وفي حين تركت شعبويته القومية أثرا عميقا خلال السنوات الأخيرة، يملك الوكيل السابق في الكيه جي بي سلاحا عظيما يتمثل في الهجمات السيبرانية. بالإضافة إلى ذلك، يسيطر بوتين على سلاح الأخبار الزائفة لتوليد الانقسام في المجتمعات الغربية، وتعزيز عدم الاستقرار في دول أخرى.
وأفادت الصحيفة بأن روسيا تستعمل أساليب الكيه جي بي القديمة، لكن مع العمل على تكييفها مع العصر الرقمي، خاصة الفضاء السيبراني. وعلى هذا النحو، تعمل روسيا على إنشاء خلايا نشطة، تعمل على استقطاب جملة من النشطاء أو المتعاطفين مع مصالحها الاستراتيجية. ويعمل هؤلاء الأشخاص على تقسيم المجتمعات وفقا لأجندة الكرملين الإعلامية. كما تحقق موسكو أهدافها عبر مصنع مصادر الأخبار الخاص بها، التي تنتشر في الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام، على غرار سبوتنيك الروسية.
وذكرت الصحيفة أن الصين ترغب من جهتها في السيطرة على النظام العالمي من خلال “دبلوماسية الباندا”، ونشاطها الاقتصادي، فضلا عن التزامها بالتحول الرقمي. وقد تزامن مع تبني هذه الاستراتيجية تنامي المصطلحات التي تعزز الحس الوطني. وتسعى الصين إلى إحكام قبضتها على الصولجان العالمي في ظل تراجع دور الولايات المتحدة الأمريكية في الساحة العالمية، ورفضها لاستراتيجيات عالمية.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه في ظل هذا الوضع واستقرار نظام عالمي جديد تحركه نزعة ردع القوى العالمية لبعضها البعض، تحوم الاتهامات حول إدارة ترامب على خلفية التخلي عن دور القوة العالمية الأولى والتفريط فيه لجهات أخرى. فقد اعتمد ترامب دبلوماسية غير منتظمة، وقاد حربا تجارية. من جانب آخر، يعتبر حلف الناتو أن روسيا هي المسؤولة عن زعزعة استقرار النظام العالمي الذي كان قائما قبل فترة.

أضف تعليقك

المزيد من سياسات دولية

الثلاثاء ٣٠ يناير ٢٠١٨ - ٠١:٢٥

عودة أحلام إلى كرسي تحكيم “ذا فويس”.

الأحد ٠٨ أكتوبر ٢٠٢٣ - ٠٣:٤٢

المغرب يدعو إلى اجتماع عاجل لجامعة الدول العربية بسبب أحداث غزة

الإثنين ١١ دجنبر ٢٠١٧ - ١٢:٣٩

الجزائر تطلق قمرها الاصطناعي للاتصالات من الصين

الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠١٩ - ٠٢:٠٥

اشتباكات بين متظاهري لبنان مباشرة بعد خطاب “نصر الله”