الخميس ١٨ أبريل ٢٠٢٤

زينب الشيطانة

الثلاثاء 22 مايو 15:05

خرجتُ بعد فطور اليوم الأول من رمضان، لأتمشى قليلا على شاطئ ( عين الدياب ). وحين كنت أمر بالقرب من ( سيدي عبد الر حمن ) رأيتها.
كانت تمشي على الماء كعائشة البحرية، ثم خرجت من الماء وسارت عارية على الرمل كأفروديت، فلما التفَتَتْ ورأتني تَجَمَّدَتْ قليلا كتمثال.. ثم أسدلت على جسدها غُلالةً رقيقة خضراء لم أعرف من أين أخرجتها. اقتربتُ منها وأنا أقول:
ـــ لا تخافي. أنا لست ميدوزا، وعيني لا تُحَجِّر
ـــ لكنها تَفلق الحجر
ـــ ( هل تأذنـون لـــمشتــاق برؤيتــــكم ××× فعندكم شهوات السمـع والبصرِ
لا يُضمر السوءَ إن طال الجلوسُ به ××× عَفُّ الضميرِ ولكنْ فاسقُ النَّظَرِ )
ـــ ههــه… وماذا لو عرفتَ أنني أنا التي أمليتُ هذا الشعرَ على العباس بن الأحنف؟
ـــ شيطانة من شياطين الشعراء؟
ـــ شيطانة مؤمنة .. واسمي زينب
ـــ ( وجعلتُ زينبَ سُترةً ××× وكتمتُ أمراً مُعجِبَا )
ـــ بلى والله. اسمي الحقيقي زينب
ـــ تشرفت ياسيدتي.. وأنا اسمي أحمد
ـــ وماذا تصنع ياأحمد؟ أعني: غير الحملقة في أجساد النساء
ـــ أنا متقاعد. وأنا أمارس الحملقة الآن فقط، لأن بصري كليل، فإذا حملقتُ فاعذريني
وخطر لي فجأة خاطر ( لئيم )، فتفرَّستُ في رجليها
ـــ هل تتوقع أن يكون لي أظلاف مثلا؟
ورفعت رجلها العارية وأرتنيها، فأخذت الرجل الناعمة بين يديّ الخشنتين، وقلتُ باسما:
لمستُ بكفِّي رجلَ زينبَ فالتقى ××× لدى لمسها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي
ـــ ويحك تعبث بشعر الملك؟
ـــ إنه جدي. ولي في إرثه حقُّ التصرف
ـــ افعل ما تشاء بشعر جدك. ولكن أعطني حريتي أطلق ساقي… فإنني أرى قَدَمي قد، والله، ما تفعله بها أراق دمي
ـــ ههه.. من أجل الجناس تُدخلين ( قد ) على الأسماء؟
ـــ فَصَلْتُ بين ( قد ) والاسم بالقَسَم. والقسم بين أدوات الأفعال وبين الأسماء، لو تدري، كالغضروف بين العظام.
أطلقتُ ساقها الناعمة وأنا أنشد:
( تكادُ يدي تَنْدَى إذا ما لمستُها ××× ويَنْبُتُ في أطرافها الوَرَقُ النَّضْرُ )
ـــ أنا أمليتُه على أبي صخر الهذلي والله
ـــ وهل كانت صاحبةُ أبي صخر كما وصفها حقا؟
ـــ ههه.. هل تعتقد أن النساء في الشعر نساء؟ إنما هنَّ في أحسن الأحوال أحلامٌ وتصورات
ـــ وفي أسوإ الأحوال؟
ـــ لَبِنَاتُ بناء لأبيات الشعر. ألم تسمع قول مالك بن زغبة الباهلي:
( وما كان طبِّي حبَّها غير أنه ××× يُقامُ بسلمى للقوافي صُدورُها ) ؟
ـــ قولي لي يازينب، كم عدد ةالشعراء الذين ألهمتهم؟
ـــ ياه… بدون حساب… وآخرهم أنت إن شاء الله
ـــ ههه.. ترقمين على الماء. أنا لستُ شاعرا أنا سارد
ـــ ( ما تمنعي يقظى فقد تُؤتينهُ ××× في النوم غيرَ مُسَرَّدٍ محسوبِ )
ـــ مسرَّد؟ قرأته في ديوان قيس بن الخطيم ( مُصَرَّد ) بالصاد، أي غيرَ مقطوع
ـــ أنا أمليته على قيس بالسين ( غيرَ مُسَرَّد ) أي غير مُثَقَّب أو غيرَ مرتوق. ولكنه توهم الصاد فنطق بها… هكذا حالُنا مع الذكور. لا تَدِقُّ ألسنتهم الخشنة مع سيننا الرقيقة فيقلبونها صادا
ـــ هل تعرفين أن معنى السرد قد تطور في عصرنا، وأصبح يعني صياغة الحكي ونسج القصص؟
ـــ إنه لذكي هذا الذي نقل اللفظ إلى صياغة القصص، فالقصص كالدروع تحتاج في نسجها إلى يد صَنَاع. قال تعالى لنبيه داود وهو ينسج الدروع: ( وَقَدِّرْ في السَّرْد ). وأنتم صُنَّاع القصص اليوم، هل تُقَدرون في السرد؟
ـــ لسنا سواءً في ذلك. السرد ككل صناعة فيه معلمون ومتعلمون ومُدَّعون. قولي لي من فضلك يازينب، لماذا تُلهمون الشعراء وحدهم؟ لماذا لا تلهمون القصاصين؟
ـــ يامسكين… هذه القصة التي نكتبها الآن.. هل تظن أنك صاحبها؟

أضف تعليقك

المزيد من ثقافة وفنون

الخميس ٠٦ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٤٥

لأول مرة، روسي يصور فيلما بسرعة 96 لقطة في الثانية

الأحد ٢٨ أكتوبر ٢٠١٨ - ١٢:١١

تامر حسني وزوجته يزفان مولودهما الثالث للمعجبين

الثلاثاء ١٠ أبريل ٢٠١٨ - ١١:٢٠

النسخة العربية لرواية “الرسام تحت المجلى” للكاتب أفونسو كروش

الخميس ٢٦ يناير ٢٠٢٣ - ١٠:٥٦

“خديجة أسد” تودعنا إلى دار البقاء بعد صراع مع المرض