
هل سيتخلى المغرب عن الدرهم لصالح عملة الإكواس
بعد عودته إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، يترقَّب المغرب البتَّ في طلبه للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس)، الذي سيتم خلال أسابيع في القمة الـ52 لزعماء الدول الأعضاء في المجموعة، المقررة بتوغو، في دجنبر الجاري.
فمع اقتراب الموعد، تزداد الأسئلة حدّة، بخصوص تخّلي المغرب عن عملته الدرهم لصالح عملة موحّدة مرتقبة لـ”إكواس”، خصوصاً أن مارسيل دي سوزا، رئيس المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، أكد أنه “عندما ينفتح التجمع على دول أخرى، فإن هاته الأخيرة ستعتمد العملة الموحدة التي سيتبناها التجمع”، مشدداً على أن “المغرب مستعد للتخلي عن الدرهم لصالح عملة واحدة لدول غرب إفريقيا”.
التضامن والتطابق أولاً
يرى نوفل الناصري المحلل الاقتصادي، في تصريح ل”هاف بوست”، أن “تخلي المغرب عن الدرهم لصالح العملة الموحدة المرتقبة لدول غرب إفريقيا عملية صعبة؛ إذ يجب التفكير في الظروف الاقتصادية والمالية المرتبطة بذلك”. مؤكدا أن هناك أموراً معقدة، وتتطلب سنوات لتحقيقها، “فمثلاً المغرب يتوفر على تعريفات بشأن 17 ألف مضاربة تجارية، في حين لا تتوفر المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا سوى على 6000، وهذا التباين الكبير يتطلب وقتاً لتحقيق التطابق والتضامن”.
هذا التطابق والتضامن، حسب المصدر نفسه، يقتضي احترام جملة من المعايير؛ “كأن لا يتجاوز العجز في الميزانية 5% من الناتج الداخلي الخام، وألا تتجاوز نسبة التضخم 5% من الناتج الداخلي الخام، وأيضاً ألا تتجاوز المديونية الخارجية نسبة 70% من الناتج الداخلي الخام، ثم أن تبلغ نسبة الضغط الضريبي 20% بحلول 2020”.
ليس من الأساسيات
من جانبه، أشار عبدالحق بوزيان، الباحث في المالية الدولية، إلى أن توحيد العملة الآن “ليس من الأساسيات للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا”. مضيفاً أن استبدال الدرهم بعملة التكتل الاقتصادي الإفريقي، يبقى “آخر مرحلة في سلسلة الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية المذكورة”.
كما أبرز الباحث في المالية الدولية، في حديث لـ”هاف بوست عربي”، أن المغرب لا بد له أن “يزن حجم الاقتصاديات في الدول الأعضاء في التكتل الاقتصادي الإفريقي ومشكلات هذه الاقتصاديات أيضاً”.
وعندما “سيثق المغرب بشكل تام في اقتصاد المجموعة، وعندما سيتأكد من قوة التكتل الاقتصادية، آنذاك يمكنه أن يوحد العملة مع المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا”، يردف عبدالحق بوزيان.
فاعلية أكبر وسوق مهمة
بالنسبة لعبدالخالق التهامي، الأستاذ الباحث بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط (العاصمة)، يرى أن احتمال تخلّي المغرب عن عملته الدرهم، الذي جاء في سياق الشروط التي ترفع من جودة ملف المغرب كعضو مقبل في إيكواس، “ليس بالإيجابي قطعاً، ولا يمكن أن يكون أمراً سلبياً مائة في المائة”.
فيما يتعلق بالجانب الإيجابي “كل مخاطر تحويل العملة والصرف سيكون متجاوزاً بين المغرب والدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا”، يوضح عبدالخالق التهامي.
كما أكد الأستاذ الباحث بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أن “كل المقاولات المغربية التي تعمل الآن في غرب إفريقيا، يمكنها أن تعمل هناك أو هنا بنفس المنهاج، وبنفس المعطيات، وبنفس العملة، ما يعني أنه ستكون لها فاعلية أكبر بكثير”.
في هذا الاتجاه، شدَّد عبدالحق بوزيان، الباحث في المالية الدولية، على أن ما يهم المغرب اليوم، هو “سوق غرب إفريقيا المهمة والكبيرة جداً، التي ستسهم في زيادة الطلب الخارجي، وبالتالي انتعاش الصادرات وزيادة حجم الاستثمارات الداخلية، التي سيكون لها تأثير على سوق الشغل وانتعاش الاقتصاد الوطني”.
وهو ما يعني أن انضمام الرباط إلى المجموعة، قد يضمن له “تعاوناً اقتصادياً عبر عقد شراكات واتفاقيات وتفعيل أخرى، من أجل تحقيق هدف تكامل اقتصاديات دول غرب إفريقيا”، يردف الباحث في المالية الدولية.
تصدير أزمة المجموعة
لكن كل هذا لا يعني أن المغرب سيسلم من مخاطر قد تهدد اقتصاده الوطني، إذ أكد عبدالحق بوزيان، الباحث في المالية الدولية، أن “انضمام دولة إلى تكتل قد يضمّ دولاً غير مستقرة اقتصادياً”، موضحاً أنه إذا “كانت إحدى دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا تعيش أزمة اقتصادية، فحتماً ستصدّرها إلى باقي الدول الأعضاء، أو على الأقل إلى واحدة منها”.
كما أبرز عبدالحق التهامي، الأستاذ الباحث بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط، أن المغرب “سيفقد أحد وسائل سياسته الاقتصادية؛ وهي سياسته النقدية، إذ لا يمكنه أن يحدّد سعر الفائدة، كما لن يتمكن من أن يحافظ أو يدافع عن مستوى التضخم، لأنه سيكون هناك بنك مركزي مشترك”.
التعاليق