افادة
في احدى المقالات المنشورة على صحيفة bbc الامريكية، تطرق كاتب المقال الى عبارة كانت فحوى رسالة نصية عممها مالك الإمبراطورية الإعلامية “روبيرت مردوخ” على مدراء ورؤساء مؤسساته الصحفية والاعلامية، وهي (اقتل وايتلام)، وهو رئيس الوزراء الأسترالي السابق.
والسبب حسب مذكرات “مايكل وولف” هو تماطل حكومة “وايتلام” في منح تراخيص لمشروع مردوخ الاستثماري في تعدين “البوكسيت” في استراليا، لتقوم بعدا صحيفة The Australia بمهاجمة إدارة رئيس الوزراء بأخبار فضائح مالية وجنسية.
الصحيفة المثيرة للجدل : “The Australian” :
صحيفة “The Australian” هي واحدة من أكبر الصحف اليومية في أستراليا، التي تُعرف بميولها السياسية اليمينية، والتي تسببت في الجدل حول مصداقيتها في هذا الجانب، الصحيفة تابعة لشركة نيوز كوربوريشن التي يمتلكها “امبراطور الاعلام” روبرت مردوخ، الذي يتحكم في 80% من الاعلام الأسترالي لوحده.
الجدل حول مصداقية صحيفة “The Australian” يعود إلى عدة نقاط تتعلق بطريقة تغطيتها لبعض المواضيع، وخاصة المتعلقة بتغير المناخ. وفقًا لتقارير صادرة عن Media Bias/Fact Check، فقد تلقت تقييمًا مختلطًا فيما يتعلق بالدقة والموثوقية بسبب بعض التقارير غير دقيقة أو مثيرة للجدل علميًا، كمثال زعمها أن حرائق الغابات في أستراليا لم تكن مرتبطة بتغير المناخ، بل كانت نتيجة لإحراق متعمد، وهي ادعاءات تم نفيها لاحقًا من قبل مصادر علمية موثوقة. كما أن هناك تقارير أخرى تم تقييمها على أنها ذات مصداقية علمية منخفضة، مما أثار تساؤلات حول مدى التزام الصحيفة بالدقة في بعض تغطياتها.
هذه المصداقية ستتأثر أكثر بسبب تغطيتها للأخبار والتحقيقات المتعلقة بالشخصيات السياسية والاقتصادية، والتي تتهم بانها ذات دوافع سياسية أو اقتصادية معينة، مما يثير تساؤلات حول نزاهة التقارير واستقلالية الصحيفة.
وتؤكد العديد من المصادر المتاحة، ان صحيفة “The Australian” قد واجهت عدة دعاوى قضائية تتعلق بنشر تقارير غير دقيقة عن شخصيات سياسية واقتصادية. على سبيل المثال، في عام 2020، واجهت الصحيفة دعوى قضائية من قبل رئيس الوزراء الأسترالي السابق كيفن راد، الذي اتهم الصحيفة بنشر معلومات كاذبة ومضللة عنه، وتشويه سمعته، وقبل ذلك في 2019 واجهت الصحيفة دعوى من طرف رجل الأعمال الأسترالي، كلايف بالمر، الذي ادعى أن الصحيفة نشرت مقالات تحتوي على معلومات كاذبة عنه وعن نشاطاته التجارية.
هذه العوامل الى جانب عوامل أخرى أهمها التضييق على الصحافة والصحافيين في استراليا، جعل نسبة موثوقية الاستراليين في اعلامهم تتدنى الى أدنى المستويات العالمية وفق ما أوردته احدى الدراسات المقدمة من NIEMAN REPORTS
اليهودي “مردوخ” يخنق الاعلام الغربي:
كما هو معروف صحيفة “The Australian” تملكها News Corp Australia التي تستحوذ على 80% من الاعلام الأسترالي، وهو ما جعل العديد من المدافعين عن الديمقراطية وحرية الاعلام يوجهون سهام نقذهم نحو هذا التركيز الإعلامي، ويزداد الامر وضوحا وغرابة، حينما يتضح ان شركات “نيوز كروب” العالمية لمالكها امبراطور الاعلام “روبرت مردوخ”، يسيطرعلى الاعلام في الأمريكي والبريطاني، وفي أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا.
وهي تمتلك مجموعة متنوعة من المؤسسات الإعلامية، مثل “The Wall Street Journal” و”New York Post” و “Fox News” في الولايات المتحدة، و”The Times” و”The Sunday Times” في المملكة المتحدة، و”The Australian” في أستراليا.
وقد واجهت مجموعة نيوز كورب انتقادات متعددة تتعلق بتوجهاتها التحريرية وتأثيرها الكبير على الرأي العام والسياسة، فضلاً عن تورطها في فضائح تجسس هاتفي سنة 2011 في المملكة المتحدة التي أدت إلى إغلاق صحيفة “News of the World”، ولعبت دورا مهما في دعم حزب المحافظين، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، عن طريق صحف ك the Sun” و”The Times.
وفي الولايات المتحدة الامريكية تلقت فوكس نيوز التبعة للمجموعة انتقادات بشأن تغطيتها المتحيزة في الانتخابات، ودعمها لترشح دونالد ترمب، وتعزيز اجندة سياسية معينة، وهو ما جعل نيوز كورب ومالكها مردوخ يواجهون تحديات قانونية وتنظيمية في العديد من البلدان بسبب ممارساتهم التجارية وأساليبهم في التأثير على الإعلام والسياسة.
ومع سيطرة مردوخ الكبير على الاعلام، ربط الأخير علاقات قوية مع لوبيات يهودية اقتصادية وسياسية، وهو ما يتضح في سياسة إمبراطوريته الإعلامية، والتي تدعم السياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ليتضح ذلك اكثر خلال تغطية الإبادة الجماعية التي نهجتها مؤخرا إسرائيل ضد الفلسطينيين، حيث ركزت على الهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل والتبعات الأمنية على الإسرائيليين، مع تقليل التركيز على تأثير القصف الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين في غزة، وهو نفس النهج الذي نهجته صحيفة “The Australian”.
أصل الحكاية: “اندرو فورست ملياردير الطاقة النظيفة”:
عرف أندرو فورست، بنشاطاته في صناعة التعدين والعمل الخيري، وهو رجل اعمال استرالي، مالك فورتسكو ميتالز جروب (Fortescue Metals Group): والتي تعد من أكبر شركات التعدين في العالم، حيث تساهم وحدها بنحو 10% من الإنتاج العاملي.
وهو في نفس الوقت الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار الخاصة به، توتالز إمباكت، التي تستثمر في مجموعة متنوعة من القطاعات بما في ذلك الزراعة، العقارات، الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، عرف عنه اعلان التزامه بالاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة بهدف تحويل فورتسكو إلى شركة صفرية الكربون بحلول عام 2030، ما دفعه الى إطلاق مبادرات لتمويل مشاريع الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية والرياح.
كما عرف باعماله الخيرية حيث أطلق مؤسسة مينديرو، وهي مؤسسة خيرية تهدف إلى مكافحة الفقر وتحسين الصحة والتعليم في أستراليا وخارجها، وتعهد بالتبرع بنصف ثروته البالغة 20 مليار دولار للأعمال الخيرية كجزء من مبادرة “جيڤينج بليدج” التي أسسها بيل جيتس ووارن بافيت.
استثمارات فورست في المغرب:
قبل ان يحط الرحال في المغرب أعلنت شركة فورست سنة 2021 الاستثمار الهيدروجين الأخضر في السعودية، والامارات العربية المتحدة، باعتماد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، في إطار توجه الشركة للتقليل من الاعتماد على الوقود الاحفوري.
لتعلن الشركة سنة 2024 عن شراكة استراتيجية بين شركته “فورتسكو إنرجي” ومجموعة “OCP” المغربية لتطوير مشاريع الطاقة الخضراء، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء والأسمدة. تهدف هذه الشراكة إلى إنشاء مرافق إنتاج متكاملة للطاقة الخضراء والتكنولوجيا المتقدمة في المغرب، مما يعزز من دور المملكة كقوة صناعية وإنتاجية في مجال الطاقة المتجددة، وتقدر قيمة هاته الاستثمارات بمليارات الدولارات، وتشمل المشاريع المخططة ما يلي:
إنتاج الأمونيا والأسمدة الخضراء: إنشاء مرافق لإنتاج الأمونيا والأسمدة باستخدام الطاقة المتجددة.
تطوير منشآت لتصنيع المعدات والتكنولوجيا المتعلقة بالطاقة المتجددة.
إنشاء مركز بحثي بجانب جامعة محمد السادس متعددة التخصصات في مراكش لدعم الأبحاث في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
التعاون على إنشاء صناديق استثمارية لراس مال المخاطر لدعم التكنولوجيا المتقدمة في مجال الطاقة.
وتعد هذه الاستثمارات جزءًا من رؤية فورست لتحويل المغرب إلى مركز عالمي لإنتاج الطاقة الخضراء، مستفيدًا من الموارد الطبيعية للمملكة مثل الرياح والطاقة الشمسية، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي القريب من أوروبا والأمريكيتين.
شركات منافسة على سوق الطاقة والمعادن المغربية:
اذا حاولنا التنقيب في أسماء الشركات العالمية التي جذبها سوق الطاقة والمعادن المغربي، سنجد على راسها شركة مصدر “MASDAR” الإماراتية، الى جانب شركات أخرى متعددة الجنسية، ك إنيل (Enel Green Power):، حيث تعد شركة مصدر الإماراتية من اكبر المستثمرين في مجال الطاقة المتجددة في المغرب، مثل مجمع “نور” للطاقة الشمسية في ورزازات، الذي يعد واحدًا من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية المركزة في العالم، الى جانب شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) والتي أعلنت في عام 2023 عن استثمار بقيمة 1.6 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة في المغرب، ليصل إجمالي الاستثمارات الإماراتية في المغرب في مجال الطاقة المتجددة الى أكثر من 14 مليار دولار حتى نهاية عام 2021، مما يجعل الإمارات أكبر مستثمر عربي في المغرب وثاني أكبر مستثمر عالمي بعد فرنسا.
دخول اندرو فوريست للمغرب اقلق منافسيه:
هذا الاستثمار جعل العديد من الشركات العالمية الكبرى تتضرر من استثمارات أندرو فورست في المغرب في مجال الطاقة المتجددة. هذه التأثيرات قد تشمل المنافسة المتزايدة، التغيرات في السوق، والتأثيرات الاقتصادية على القطاعات التقليدية. كشركات الطاقة التقليدية (النفط والغاز)، والتي قد تتسبب لهم انخفاضاً في الإيرادات والطلب على منتجاتها، مثل شركة “سوناطراك” الجزائرية أو شركات النفط العالمية التي لها استثمارات في المنطقة قد تجد نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الاستثمارية.
كما من المتوقع ان يؤثر هذا الدخول على استثمارات الشركات الكبرى في قطاع الطاقة المتجددة، مثل “مصدر” الإماراتية و”إنيل غرين باور” الإيطالية، اللتان قد تواجهان تحديات في الحفاظ على حصتها في السوق أو قد تضطر إلى زيادة استثماراتها لتبقى تنافسية.
من جانب اخر ستجد شركات التعدين التقليدية خارج المنافسة، او ستضطر الى ضخ المزيد من الاستثمارات، مثل “جلينكور” و”بي إتش بي بيليتون”، “فيوليا” و”سويز”.
التحكم في الاعلام وشركات الطاقة والتعدين:
وفق اخر المعطيات التي استقتها جريدة افادة، هناك عدة شركات أسترالية كبرى في مجال الطاقة ترغب في الدخول إلى السوق المغربي والاستثمار فيه، خاصة في قطاع الطاقة المتجددة، اهمها Origin Energy، و AGL Energy، و Macquarie Group.
لكن المثير في الامر ان هناك صندوق استثماري كبير تجده يقف خلف كل هاته الشركات، وهو صندوق Vanguard، وهي شركة مجهولة مصدر الأموال، لان طبيعة الاستثمار فيها تقوم على بنية هرمية لولبية يصعب معها رصد المستثمرين الكبار في هذا الصندوق.
لكن الاغرب حينما حاول طاقم الجريدة البحث في خلفيات علاقة هذا الصندوق بالاعلام الأسترالي، لتكون المفاجأة، حيث ان فانجارد (The Vanguard Group) تعتبر واحدة من أكبر المستثمرين في الشركات الإعلامية التي يمتلكها روبرت مردوخ. فانجارد تمتلك حصصًا كبيرة في شركتي “نيوز كورب” و”فوكس كورب”، وهما من الشركات الرئيسية في إمبراطورية مردوخ الإعلامية، التي يصدر عنها صحيفة “the australie”.
Warning: Undefined variable $postData in /home/ifada/public_html/wp-content/themes/NewsPaperOne-Light/template-parts/content/content-single.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on null in /home/ifada/public_html/wp-content/themes/NewsPaperOne-Light/template-parts/content/content-single.php on line 55
Warning: Attempt to read property "ID" on null in /home/ifada/public_html/wp-content/themes/NewsPaperOne-Light/template-parts/content/content-single.php on line 55
أضف تعليقك