عادَة عادَة عدَة عدَة عدَة ..
شايللاه الهادي بنعيسى .. التسليم .. كان لابد من الاستيقاظ باكرا على النبيري لعلك تظفر بمكان استراتيجي على طول مسار الطوايف بكل ألوان عيساوة وحمادشة وجيلالة وبوهالة وكل المجموعات الصوفية القادمة من تخوم البلاد البعيدة .. لعل طايفة سحيم واولاد احمر هي أخطر مجموعة باعتبار طقوس الافتراس عندها .. ولا تنافسها إلا طايفة سيد المختار وهم من يكرهون اللون الأسود وترى أياديهم مرتفعة تشير لأي شخص يلبس لباسا أسود أو أحمر .. أظافر العجائز العيساويات الطويلة تثير التقزز وربما الرعب، كما شعورهن المنفوشة تجعلك تستحضر صورة عيشة قنديشة كما تمثلتها كل حالة خوف ..
الله الله الله .. الله دايم ..
هي لازمة الذكر هذا الصباح ودوائر عيساوة تتشكل انطلاقا من تقاوس باب تلتفحون في اتجاه باب الجديد وساحة ضريح الشيخ الكامل .. لكل مجموعة طقوسها وأورادها ولباسها الخاص ويتحكم في أفرادها الشيخ المقدم الذي يضبط إيقاع السير والهرولة وربما الجري كما محطات التوقف على طول موكب الطوايف ..
التسليم .. الله الله الله دايم ..
مواكب الحجاج العيساويين تتفاوت طبقاتها بما يظهر جليا في شكل الهدية التي سيقدمونها للزاوية، ولكل واحدة أعلامها ورموزها ومعلموها الذين تتفاوت أناقتهم العيساوية وطبقاتهم الاجتماعية وكل هذا يلخصه الثور الهدية أو الضروبة التي تقدم لأولاد الشيخ الكامل عند بلوغ منتهى الموكب، وقد تكون الطايفة من المحظوظين ويتم ذبح ثورها مباشرة عند باب الضريح ليتم إطعام مئات وربما آلاف حجاج الضريح ممن يظلون ويبيتون لأيام متوالية داخل فضاءات ومسارب الضريح الداخلية بشكل غرائبي حقا حتى أنك تجد من يبيت الليل قاعدا من فرط الازدحام والكل لا يريد إلا بركات الشيخ الهادي بنعيسى سيد الزاوية وقطب الطائفة العيساوية .. الله الله الدايم الله ..
لابد من لحظة انتشاء للمواكب الزائرة وتصل ذروتها عند منتصف الطريق وقد أخذ الإجهاد من المجموعات العيساوية التي يزداد توتر أفرادها وتبحث عن أي متنفس لتفجير هويتها العيساوية وإبراز حالة التاقنديشيت التي يجب أن تحل في ذات المريد والمريدة الصادقة في أحوال جذبتها وابتلائها العيساوي ..
التسليم فعلا وحقا وهذي عجوز تتجاوز حلقة مقدمها وتهجم بشراسة على مجموعة شباب كان أحدهم يرتدي جاكيطة جلد سوداء وكأنه يتقصد استفزاز هذي الجموع العيساوية .. لا قبل للعجوز العيساوية بقوة هذا الشاب الفاره الطول لكنها لا تبالي وتغرس أظافرها في الجاكيطة السوداء تمزقها على ظهره وهو يتراجع للخلف بينما رفاقه يمنعونه من التصدي للمرأة في شبه عرض متفق عليه ومقدم الطايفة يتبعها مع بعض رجال يحملنها من تحت إبطيها ويرجعنها داخل الحلقة ليعود الجميع إلى مسيرة الموكب والأنفاس تكاد تنقطع من الازدحام ..
عادَة عادَة عدَة عدَة عدَة ..
كان عيساوة يرددونها في جريهم اتجاه الضريح الذي بدأ يقترب وهم يستعدون لتمزيق الزمن والالتحام بجسم الأرض الأحمر .. أحدهم يحمل جديا أسود .. العتروس .. ويدخل وسط الحلقة لينقلب الحال إلى مجزرة حقيقية قد لا تكون تجاوزت بعض الثواني إلا أن آثارها بحجم كارثة وأشلاء الجدي المسكين تتطاير في السماء تتجاذبه أيادي عيساوة وكل واحد ينثر جزءً من كسدة العتروس المسكين .. بلا سكين ذبحوه لينتشوا بلذة القتل والدماء تلطخ وجوههم وكناديرهم البيضاء .. مرعب فعلا منظر هذه المرأة العجوز وهي تلوك لحم الجدي النيء ودماؤه تطلي صدر “دفينها” الأبيض .. دقائق فقط هي عمر الافتراس ليكون عيساوة قد بلغوا سدرة جذبتهم وهم يهرولون متعبين نحو بهو الضريح ليرتموا في جنباته كالصرعى ونغمات الحضرة تتعالى داخل القاعة الكبيرة حيث يتحلق حول الكسوة الجديدة للضريح خدام الشريف وأولاده ..
الله الله الله دايم .. الغيطة العيساوية والدعدوع ترتفع ومعها أنين المكلومين هنا .. الله الله الله دايم .. التسليم
أضف تعليقك