انتبهت لتصريح اللواء ياسين طاهر محافظ الإسماعيلية حين قال أن السبب الرئيسي لاستعادة مهرجان الإسماعيلية عندما تولي رئاسة المحافظة منذ أربعة سنوات، هو رغبة أبناء محافظة الإسماعيلية أنفسهم، وأنه في سبيل استعادة الهوية الثقافية لمحافظة الإسماعيلية فإنه يعمل أيضًا على عودة مهرجان الفنون الشعبية للمدينة، جاء هذا التصريح الهام من وجهة نظرى أثناء المؤتمر الصحفي الذى عقد الأربعاء الماضي بمركز الهناجر لإعلان إنطلاق الدورة العشرين لمهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة.
أما أهمية هذا التصريح فهى أنه يوضح بما لايدع مجالًا للشك أن هناك عدداً لابأس به من افراد الشعب المصري يهتمون بالفن، وأنهم يرغبون في أن تستعيد مصر مجدها السابق في مجال السينما وربما المسرح، بل و أيضاً في كل ما كنا متفوقين فيه فيما يتعلق بالثقافة والفنون، وهو الأمر الذى دفعنى للتوجه بالسؤال للدكتور خالد عبد الجليل رئيس المركز القومى للسينما ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية حول مدى إمكانية إنشاء مدينة للثقافة والسينماتيك في مصر، والذى أجاب عبد الجليل عنه بأنه والأستاذ أحمد شوقي نائب رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، كانا ضمن ضيوف حفل افتتاح مدينة الثقافة والعلوم والفنون في تونس الشهر الماضي، وأن الأكثر حزنًا له في هذا الحفل هو افتتاح مدينة السينماتيك التونسي، وأردف قائلًا: “على كل حال لو رأيت مدينة الثقافة ومدينة العلوم والفنون في تونس ستشعر وكانك في حرم دار الأوبرا المصرية حيث يوجد بها مراكز الإبداع، متحف الحضارة، نقابة الفنون التشكيلية، المجلس الأعلى للثقافة، فمدينة الثقافة والفنون في تونس تحوى إدارة مهرجان قرطاج، إدارة المركز الفرنسي، بيت الشعر، بيت القصة”.
وأضاف عبد الجليل أنه يتم الآن إعداد صرح ضخم فى العاصمة الإدارية الجديدة حيث سيكون هذا الصرح مدينة للفنون، وأنه رغم ذلك يتمنى أن يكون هناك مدينة للثقافة والفنون في المدن المختلفة في الإسماعيلية وفي السويس وفي اسوان حتى وإن كان يمكننا أن نعتبر أن الأوبرا بما تحويه من مراكز عبارة عن سينماتيك.
لم تكن إجابة رئيس المركز القومى للسينما شافيه، بل على العكس أثارت تساؤلات أخرى حول وجود تصور حقيقي للنهوض بالثقافة والفنون في مصر، فمدن السينما لم تعد مشروع ثقافي بحت ولا هي تجمع من مراكز ابداع فى مجالات ثقافية مختلفة، ولا هى ايضًا حاصل جمع قصور للثقافة هنا وهناك، وإنما هي موضوع صناعي وتجارى، يتعلق بصناعة السينما وترويجها وتحقيق أرباح منها فضلا عن كونه موضوع ثقافي وفكرى ايضاً، فمدينة السينما الهندية “بوليوود” أصبحت تنافس بقوة مدينة هوليوود الأمريكية، وأصبحت الهند تحقق عائدًا ضخمًا من صناعة السينما، ناهيك عن قوتها الناعمة التى نجحت في نشر الثقافة الهندية في جميع أنحاء العالم.
أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى تشكيل لجنة من وزارات الثقافة والصناعة والتجارة، وشركات الإنتاج السينمائي لبحث الأمر جديًا ، ودراسة مايمكن أن يحققه إنشاء مدينة للسينما في مصر، من عائد إقتصادى وثقافي، إذ أن خطوة مثل تلك لو درست جيدًا، ستكون خطوة هامة نحو اجتذاب صُناع السينما فى المنطقة العربية لصناعة أفلامهم في مصر، وستكون أيضًا خطوة هامة نحو نشر الثقافة والفنون ومكافحة التطرف هنا، تلك الثقافة والفنون التى يتعطش لها أبناء محافظة الإسماعيلية، وأظن أن أبناء باقي محافظات مصر متعطشين لها بنفس القدر أيضًا.
لم يعد من الممكن إدارة ملف الثقافة بمعزل عن الصناعة والتجارة، إذ لم يعد الأمر مجرد إبداع فنى أو ثقافي فقط، بل إن الأمر تحول في جميع أنحاء العالم إلى صناعة ضخمة يتم فيها دراسة الجدوى الإقتصادية، لأي مشروع ثقافى أو فنى قبل الإقدام عليه، وهو أمر ينبغى أن نتعود على العمل من خلاله وأن نسعى إلى إتقانه جيدًا، ذلك لو كنا نرغب حقًا فى إحداث نهضة فنية وثقافية حقيقية في مصر، وقتها يمكننا أن نتخلص بسهولة من ثقافة التطرف، تلك الثقافة التى تسعي لاجتياح مجتمعنا المتسامح، و التى نجد بعضاً منها في إنتاجنا الثقافي حتى وإن لم نرغب فى الاعتراف بذلك.
Warning: Undefined variable $postData in /home/ifada/public_html/wp-content/themes/NewsPaperOne-Light/template-parts/content/content-single.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on null in /home/ifada/public_html/wp-content/themes/NewsPaperOne-Light/template-parts/content/content-single.php on line 55
Warning: Attempt to read property "ID" on null in /home/ifada/public_html/wp-content/themes/NewsPaperOne-Light/template-parts/content/content-single.php on line 55
أضف تعليقك