الأربعاء 4 يوليو 11:07
16664
دوّخ الهارب الجزائري رضوان فايد، سلطات فرنسا وشرطتها عندما نجح، يوم الأحد الماضي، وللمرة الثانية خلال 5 أعوام، في الفرار من سجنه في باريس على طريقة أبطال سينما هوليود.
ويعرف رضوان فايد، الفرنسي المنحدر من أصول جزائرية، والذي يبلغ من العمر 46 عاما، بأنه واحد من أشهر رجال العصابات في فرنسا وذو تاريخ طويل في عالم الجريمة وكواليس المهمشين في عاصمة الأنوار باريس.
وأقرّت وزارة العدل الفرنسية بوجود خلل في السجن الذي كان يحتجز فيه هذا المجرم الفيلسوف، سهّل عليه عملية هربه على متن طائرة مروحية اقتادتها إليه مجموعة مسلّحة بعدما اختطفتها مع ربّانها.
وعلى الرغم من تجنيد السلطات الفرنسية ثلاثة آلاف شخص من رجال الشرطة والاستخبارات لمطاردته، فإن رضوان ما زال طليقا حرا وحيا يرزق داخل الأراضي الفرنسية، حسبما تعتقد أجهزة الاستخبارات لفرنسية.
وذكرت صحيفة “النهار” اللبنانية في تقرير أوردته عنه، أن رضوان الذي يتمتع بخيال خصب وفانتازيا قلّ نظيرها، كان يقضي حكماً بالسجن لمدة 25 عاماً بعد تورطه في محاولة سطو فاشلة قتل خلالها ضابط شرطة فرنسي عام 2010. وأكدت أنها ليست المرة الأولى التي يهرب فيها هذا المجرم المثقف من حراسه. ففي تسعينات القرن الماضي، أمضى ثلاث سنوات متنقلا بين سويسرا وإسرائيل للإفلات من الشرطة بعد هروبه الأول من محبسه.
لكن هروبه الثاني يوم الأحد الماضي كان استثنائياً ودراميا إلى حد مثير، إذ أنه تمّ بمساعدة طائرة هليكوبتر وبالتواطؤ مع ثلاثة من مساعديه (خارج السجن)، كانوا مسلحين ببنادق رشاشة من نوع كلاشنيكوف وقنابل مولوتوف. ولم تستغرق العملية التي حصلت الساعة 11:20 تقريباً إلا بضع دقائق دون احتجاز أي رهائن ودون أن تسفر عن جرحى أو قتلى.
وكان مساعدو رضوان الثلاثة قد أخذوا قائد طائرة الهليكوبتر، الذي كان ينتظر تلميذا لتدريبه، رهينة. وانطلقوا بهذه الحواّمة من منطقة سان مارن وهبطوا بها في ساحة الشرف في السجن، وهي المكان الوحيد غير المجهز بشبكة مضادة للإرهاب، لأنها معدّة أصلا لاستقبال كبار الزوار والشخصيات الرسمية.
وبدا واضحاً أن شركاء السجين يعرفون المكان جيداً. وهم ألقوا فور وصولهم قنابل دخانية في الساحة قبل أن يخلعوا باباً ثم يحطموا بابين أخريين تؤديان إلى قاعات السجن، حيث كان رضوان ينتظرهم مع أحد أخوته.
وبعد نجاح عملية إخراج رضوان من السجن والفرار به إلى فضاء الحرية، ترك المسلحون الهليكوبتر في منطقة غونيس على مسافة 60 كيلومتراً من السجن، وأطلقوا سراح قائدها الذي لا يزال تحت تأثير الصدمة.
ومن هناك استقل فايد وشركاؤه سيارة استولوا عليها، لتعثر عليها الشرطة لاحقاً محترقة في موقف مركز تجاري في المنطقة.
وأوردت “روسيا اليوم” نقلا عن”النهار” اللبنانية أن رضوان فايد يتمتع بشعبية واحترام كبيرين بين الجانحين المبتدئين ورجال العصابات في المناطق الشعبية الفرنسية، وحتى بين اللصوص المحترفين. ويطلق عليه رجال الشرطة لقب “اللص الأديب” لأنه ألّف عام 2009 كتابا يتحدث فيه عن تجربة نشأته في ضواحي باريس ، حيث تتفشى هناك الجريمة وشريعة الغاب وسيادة رجال العصابات.
واكتسب هذا المجرم الغريب والمثير للجدل، شهرة واسعة بعدما أطل على كل القنوات التلفزيونية الفرنسية تقريباً للحديث عن تجربته في عالم الجريمة وكتابه عن عالم باريس السفلي بين المهمشين والبؤساء والمنبوذين.
وتحدث هذا الرجل المولود في عائلة من المهاجرين الجزائريين، والمتأثر جداً بالسينما، في كتابه كيف سطا على مصرف كما في فيلم سينمائي، وكيف سرق شاحنات على طريقة فيلم “هيت”.
وفي إطلالاته التلفزيونية، ادعى هذا اللص العصامي والأنيق والرشيق، بأنه لن يعود مجدداً إلى عالم العصابات والسرقة والإجرام، وأكد مع ذلك أنه لن يعتذر عمّا ارتكبه لأن ما فات مات. وقال إنه عثر على عمل في التجارة وأنه سيكرس حياته لابنه. إلا أنه كان يكذب بطريقة مقنعة جدا، ذلك أنه في السنة نفسها، وتحديداً في 20 مايو 2010، أطلق مع عصابته من اللصوص النار على دورية لقوى الأمن الفرنسي على طريق سريع وجرحوا مدنيين. وفي أفريل 2018، أدانت محكمة الاستئناف رضوان فايد بهذه العملية في دعوى استئنافه، بعد إدانته بمحاولة سرقة قتل فيها شرطي.
كذلك، حكم عليه مرتين عام 2017، بالسجن عشر سنوات لهروبه من سجن ليل عام 2013 وبالسجن 18 سنة بسبب هجومه على شاحنة في بادو كاليه عام 2011. وقام هو باستئناف الحكمين.
وفي 13 أبريل 2013، فر خلال نصف ساعة من سجن ليل سكيدان بعدما أخذ أربعة من حراسه رهائن ودروعاً بشرية. وفجر خمس أبواب قبل أن يصل إلى سيارة كانت تنتظره. واستمر هروبه بضعة أسابيع.
ويقول أحد الحراس الذين عرفوه عن كثب في السجن الذي كان يحتجز فيه، إنه في إحدى زوايا ذهنه، لم يتخل رضوان أبدا عن فكرة الهرب إلى فضاء الحرية وعالم الجريمة. فخلف سلوكيات هذا الشخص، الذي يبدو مهذبا للغاية، يخفي دائما لعبته وخططه الجهنمية. ووصفه الخبراء في الطب النفسي في إحدى محاكماته عام 2016 بأنه “مفترس اجتماعي” يستخدم صفات شخصيته وسحره وجاذبيته وذكاءه وشجاعته وتفاعله للسيطرة على الآخرين والحصول على ما يريد وما يرغب به.
أضف تعليقك