إفادة السبت 19 مايو - 11:10

مسلسلات عربية رمضانية جديدة “مغضوب عليها”

مع موجة الدعاية للأعمال الفنية المعدة للعرض بالشهر الفضيل، ترددت أخبار عن وقف عرض هذا المسلسل أو ذاك على بعض القنوات، الشئ الذي يعكس مدى تدخل السياسة في الفن بالوطن العربي.
حيث أثار وجود الإعلامي المصري إبراهيم عيسى، الذي سبق وهاجم المملكة وقادتها خلال برامجه، ضمن شخصيات مسلسل «أرض النفاق»، غضب السعودية التي قررت وقف عرض المسلسل على شاشاتها. 
وفي محاولة منها لايجاد حل ولتفادي فسخ التعاقد بينها وبين التلفزيون السعودي، عمدت شركة «العدل جروب» المنتجة للمسلسل، في سابقة أولى على ما يبدو في الدراما المصرية، إلى تقديم الفيلم في نسختين، وذلك بتبديل مشاهد “عيسى” بدلا عن حذفها الذي قد يحدث خللا دراميًا حسب ما قاله المنتج. فقررت الشركة تجهيز نسخة خاصة لعرضها حصريا على الشاشات السعودية، ليصبح أمام المشاهد نسختان، الأولى تعرض على القنوات المحلية يحتفظ فيها عيسى بأدواره الخمسين، والنسخة الثانية على القنوات الخليجية يحل فيها الممثل المصري سامي مغاوري بديلًا عن عيسى الذي يجسد شخصية دكتور ماضي.
وسرعان ما أخذت الأزمة منحى آخر، حين أعلن بطل المسلسل محمد هنيدي أنه لن يعرض على قناة «أون تي في» المصرية كذلك، ليلف الغموض مصير المسلسل بالكامل، قبل أن يعود بعدها بأيام ليزف لمشاهديه نبأ إعادة تصوير المسلسل، ويقدم لهم برومو جديد، مما يؤشر على أن المشكلة قد وجدت طريقها للحل، بشروط السعودية طبعا. 
وفيما رأى البعض أنه كان يجب على شركة «العدل جروب» عدم الانصياع لرغبات التليفزيون السعودي، خرج إعلاميون سعوديون بمقترح يطالب بإنشاء ما يسمى بـ«قائمة سوداء» تضم الإعلاميين المسيئين للسعودية وقيادتها؛ وذلك بهدف منع هؤلاء من الظهور على وسائل الإعلام السعودية، سواءً المرئية، المكتوبة، أو المسموعة.
ويجسد عيسى الذي اشترط الظهور بالحمالات الخاصة به في أحداث المسلسل، عدة شخصيات، وهذا هو الظهور الأول له كممثل. وتدور أحداث المسلسل، حول اكتشاف بطل المسلسل (مسعود) الذي يؤدي دوره الفنان المصري الكوميدي «محمد هنيدي» متجر يبيع حبوبًا تكسب الفرد الكثير من السلوكيات، ومنها الشجاعة والنفاق.
وخوفا من تراجع توزيع المسلسل الرمضاني «لدينا أقوال أخرى» داخل بعض الدول العربية، اضطرت الشركة المنتجة نفسها إلى الاستغناء عن صوت الفنان اللبناني، العائد بعد ست سنوات من الاعتزال الفني، فضل شاكر من على تتر المسلسل مع الابقاء على الموسيقى فقط، «احترامًا للشعب اللبناني وجيشه الباسل»، كما جاء على لسان شركة «العدل جروب»، مضيفة في بيان نشرته: «نظرًا للعلاقات الفنية والتاريخية بين مصر ولبنان، والتي أثمرت عن اعتبار الفنان اللبناني مصري الهوية والعكس صحيح، فإننا عندما فكرنا في الاستعانة بالفنان فضل شاكر لغناء تتر مسلسل الفنانة الكبيرة يسرا، كانت اعتباراتنا فنية بحتة، ولم يدر بخلدنا أن مشكلته ما زالت قائمة»، «فلما علمنا أن مشكلته لم تحل، وهناك علامات استفهام حول موقفه القانوني، ونظرًا لاعتقادنا الدائم أن الفن يوحد الشعوب ولا يفرقها، فإننا احترامًا لمشاعر الأخوة في لبنان قررنا الاستغناء عن صوت فضل شاكر، ولن يكون موجودًا على تتر مسلسل يسرا، نحن نكن ونحترم كل المشاعر، وليس في نيتنا إلا الفن والانتصار له».
وقد اعترض بعض اللبنانيين على ظهور شاكر بسبب انضمامه سابقًا إلى جماعة «متطرفة»، فيما تثار شكوك بأن الأزمة الحالية مفتعلة، بدليل أن أغانيه تذاع باستمرار على الفضائيات والإذاعات العربية، كما يرى البعض أن من حق شاكر العودة إلى الساحة الفنية بعد تراجعه عن مواقفه السابقة وإبداء ندمه.
وينضاف مسلسل «هارون الرشيد» التاريخي إلى قائمة المنع وهذه المرة بـ«أمر إيران»، ضمن محاولات فرض نفوذها فنيًا وثقافيًا، حيث وصل التدخل الإيراني في سوريا حد منع بث التلفزيون السوري للمسلسل في شهر رمضان المبارك، فبعدما وصل المسلسل إلى دائرة الرقابة في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الرسمية، اتخذ قرارًا سريعًا بمنع عرضه.
ولم يكتف النظام السوري بمنع المسلسل من العرض فقط، بل سبق وأن منع تصوير بعض حلقاته بدمشق كما كان مقررًا، فاقتصر تصويره على مدينة أبوظبي الإماراتية.
واعتبر كاتب المسلسل عثمان جحا أن قرار الرقابة «محض افتراء» مضيفًا أن «دائرة الرقابة رفضت النص في البداية دون أن تطلب أي تعديل، أو تبدي أية ملاحظة»، لكن ما حصل أنه «منعًا لعدم التلاعب والاحتيال والتهرب من الاستحقاقات الرقابية» تولى وزير الإعلام التابع للنظام السوري «عماد سارة» بنفسه، أمر متابعة الإجراءات الرقابية للمسلسل، لتقرير مصيره، فكان هو من قرر عدم عرضه لأسباب تتعلق بـ«الصراع السني – الشيعي»، بل حظر أي نشاط دعائي للمسلسل في سوريا.
ويتناول المسلسل حقبة حكم الخليفة «هارون الرشيد»، التي اشتهرت بما سمى «نكبة البرامكة»، تلك العائلة الفارسية المقربة من الخليفة الرشيد، فقد كان «يحيى البرمكي» هو المسؤول عن تربية الخليفة، ورغم وجود عدة روايات عن أسباب نكبة البرامكة، إلا أن المؤرخين يتفقون على أن البرامكة الذين حظوا بمكانة عالية في الدولة العباسية استغلوا ثقة الخليفة الرشيد بهم، واستغلوا قربهم من مقاليد الحكم واستغلوا أموال الدولة، فتدخلوا في أحكام الرشيد وفي أمور الدولة من غير حق، وأشعلوا الفتنة بين الخليفة وأخيه، وعندما تنبه الخليفة لخطرهم، قضى عليهم واحدًا تلو الآخر.
كما أدلى مستشار السلطان العماني للشؤون الثقافية عبد العزيز بن محمد الرواس بتصريحات صحافية غاضبة من موقف الإمارات التي أنتجت مسلسلا حول أحد أركان الدولة الأموية «المهلب بن أبي صفرة» ونسبت أصله لها، في حين تؤكد عُمان أنه «عماني حتى النخاع». 
فاعترضت سلطنة عُمان على المسلسل؛ لكونه خرج بتاريخ مغاير – وفق المصادر العمانية – فاتهمت دولة الإمارات بالسطو على تاريخها، بنسبة هذه الشخصية إليها؛ فالمهلب ولد على أرض عُمانية، وحقق إنجازات كبرى؛ حيث عيّنه الحجّاج واليًا على خراسان، وخاض حروبًا ضد الفرس.
وتعود جذور الخلاف على هذه الشخصية إلى عام 2013؛ حين أصدر الكاتب السوري رياض نعسان آغا كتابًا بعنوان: «المهلب من دبا إلى مطلع الشمس»، وجاء في هذا الكتاب أن «والي خراسان» وُلد قرب مدينة الفجيرة، إحدى الإمارات السبع، التي ائتلفت فيما بعد في اتحاد بعد أن ظلّت تخضع للحُكم العماني حتى مجيء الاستعمار البريطاني للمنطقة، وقد اعتمدت أبوظبي على رواية هذا الكتاب حتى تثبت إماراتية الرجل.
ونظمت عمان مؤخرا ندوة بعنوان «المهلب بن أبي صفرة» ضمن محاولاتها رسم صورة واضحة لحياة المهلب وإبراز دوره العسكري والسياسي ودور آبائه في عُمان والحجاز والعراق وافريقيا.
وخاطب مستشار السلطان العماني للشؤون الثقافية عبد العزيز بن محمد الرواس الإماراتيين قائلا: «إذا أردتم العودة إلى أصولكم العُمانية فمرحبًا بكم، لكن لا تزوّروا التاريخ».

التعاليق

المزيد من سياسات دولية

Error Category (C-P2) - Slug (video-tubes)


تابع إفادة على:

تحميل التطبيق