عز الدين بوركة
يعرف العديد من الطلاب والتلاميذ، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى عائلات متواضعة، وفقيرة، بشكل حدسي ما تقدمه لهم المؤسسة التعليمية، إنها تعلمهم الخلط بين طرق اكتساب المعرفة وطرق التدريس، وبمجرد محو التمييز بينهما، يصبحون مستعدين لقبول منطق المدرسة كلما ظلوا تحت تأثيرها، يخضعون لسلطة التلقين ويجردون من ملكة التفكير والتخييل.. يحرمون من ملكة البناء ويسحنون بنزعة الكسب..
يتم توهيمهم بأنه كلما كانت النتيجة أفضل، أي كلما تحصلوا على نقط العبور والصعود من مستوى لآخر، فقد بلغوا النجاح! هذا فيروس الطالب الذي اكتسبوه من قبل المدرسة. هذه هي الطريقة التي يتعلم بها الخلط بين التدريس والتعلم، بين المعلومة والمعرفة، بين الاكتساب والنقد.. والاعتقاد بأن التعليم يتكون من ضرورات تجاوز المستويات من صف إلى آخر، وأن الدبلوم مرادف للكفاءة، وأن معرفة كيفية استخدام اللغة تسمح للمرء بقول شيء جديد، وأن من يتحدث لغة ما دون غيره فهو أفضل منه، وأن العلميين افضل من الأدبيين، وأن كلية الرياضيات والهندسة أسمى من الكل… وأن المستقبل فقط في كليات معينة..
بينما تحدث الصدمة حينما يجد الطالب نفسه بين الواقع والافتراضي حيث يسود فيه عالم الروتين اليومي الذي يكسب أموالا أكثر من وظائف الواقع المادي.. مادام يوهَم الشاب بأن قيمته في ما في جيبه من مال، يصير الافتراضي غاية وتصير المدرسة عائقا، ويغدو التعليم بلا فائدة..
خيال الطالب، الآن خاضع لقاعدة المدرسة، يسمح لنفسه بالاقتناع باستبدال فكرة القيمة بفكرة الخدمة.. وواقع بين صدمة الافتراضي والواقعي..
لا يستطيع التفرقة بين ما هو كائن وما يجب أن يكون، بين الشيء ومقابله، إذ يخلط بين الأمن الفردي وحماية الشرطة، بين الجيش والأمن الوطني، وبين النضال اليومي من أجل البقاء والعمل المنتج. فالصحة والتعليم والكرامة الإنسانية والاستقلال والجهد الخلاق… ، كل شيء يعتمد إذن على الأداء السليم للمؤسسات التي تدعي أنها تخدم هذه الغايات، ولا يمكن تصور أي تحسن إلا من خلال تخصيص اعتمادات إضافية للمستشفيات والمدارس، والرجال والنساء العاملين فيها، وجميع المنظمات المهتمة..
أضف تعليقك