إفادة الإثنين 19 نوفمبر 2018 - 08:30

قصة قصيرة: نكاح

خرج محمود غاضبا من مكتب المدير، مرددا عبارات كلاسيكية يرددها الموظفون طبعا ليس على مسامع المديرين: “ابن القحبة.الكلب…البدين ..القواد ..” وتمنى لو كان بإمكانه نيك المدير وأم المدير وكلب المدير وأشجار حديقته.
حين دلف إلى المنزل وقفت زوجته فطوم أمامه تتمايل كخيمة عربية سوداء، قدر في نفسه وزنها،
قد يكون جاوز المائة والعشرين، ضحك لوهلة حين تخيل أن بمقدوره الاستمتاع بنكح المدير حرفيا على مضاجعة زوجته. وضعت أمامه وعاء قصديريا يضم بعض الخضر وأوراق الخس وصحنا من العدس، تخيل نفسه أرنبا رماديا كبيرا يأكل الخس في طمأنينة، ثم تخيل زوجته بقرة وأطفاله عجولا صغيرة، لكنه فهم أن الجزار رفض هذه المرة، فهو لم يدفع له مستحقات الشهر الماضي. تخيل نفسه وهو ينيك “ياقوت” زوجة الجزار الجميلة، كان باستطاعة الجزار الأمي أن يتزوج تلك الفاكهة الطرية التي أحبته هو أيام الدراسة، هو المثقف موظف الحكومة الذي لم تقبل به سوى امرأة عرجاء بدينة. كانت جميلة في البداية، كان يخبرها أنها ممتئلة مثل فراخ البط الشهية وأن مذاق وركيها وصدرها أشهى من الجبنة الطرية، لكن الطراوة تحولت “طرطرة” مع الإهمال، وهو يفهم أنه المذنب، لكن المدير يرفض إقراضه المال. غير أن محمود لا يتوقف عن طلب القروض، من البنك والأصدقاء والأسرة والأشجار والحصى في الطريق، ثم يهدره في لعب اليانصيب  آملا أن يتمكن يوما من نكح المليار سنتيم التي تتجمع عند نهاية كل سنة في اللعبة. غير أنه لم يربح سنتا واحدا منذ عشرين سنة، ولم ينك زوجته منذ خمس سنوات، كما أن آخر قرض حصل عليه كان قبل سنة كاملة.
في المساء كان قد قرر الذهاب لحانة قريبة من مقهى اليانصيب لملاقاة صديقه بوعزة، موظف البلدية الآخر، وحين كان يكرع قناني البيرة الرخيصة طلب منه صديقه أن ينظر إلى الراقصة الجديدة، ثم أخبره أنها تتقن فن النيك وأنه لن يندم إن دفع لها راتبه كاملا مقابل ليلة واحدة، لكنه لم يستدر لينظر إلى الجسد البظ الذي وصف صديقه، فقد كان يعلم أن آخر مرة ضاجع فيها بوعزة امرأة كانت قبل المسيرة الخضراء، كما كان  يشعر أن الحياة قد ناكته فعلا.

التعاليق

المزيد من ثقافة وفنون

تلفزيون الموقع

تابع إفادة على:

تحميل التطبيق