
“قصة قصيرة ” عبودية
وضع يده اليمنى على اللوحة الإلكترونية ثم اختار:
– استراحة دقيقة ونصف. الموضوع: تدخين سيجارة واحدة.
ذهب سعيد مسرعا في اتجاه المكان المخصص للتدخين. ساعته سجلت عشرون ثانية، تبقى له أقل من دقيقة ليدخن سيجارته ثم يعود أدراجه لآلته اللعينة.
دخن بسرعة. كان يستنشق أكثر من ثلاثة جرعات متتالية من النيكوتين ويزفر مرة واحدة. عاد مهرولا نحو الآلة. وضع إبهامه على اللوحة الإلكترونية ثم قرأ الرسالة المسجلة:
– خمسة وثلاثون ثانية تأخير. ابدأ الآن
منهمك في الرد على الهاتف. مرة تلو الأخرى، يشتعل مصباح أحمر ينبهه لتجاوز المكالمة الوقت المتوسط الضروري وعليه بالتالي إنهائها سريعا.
سعيد ليس سعيدا. وقت السجائر يأخذ منه أكثر من نصف المدة الممنوحة له كاستراحة. خلال ثمانية ساعات من العمل المتواصل، لا يزيد الوقت المسموح له به عن خمسة وأربعين دقيقة.
عندما تجاوز الخمسة وأربعون دقيقة اليوم ولم يمض سوى خمسة ساعات من العمل أحس بالغبن. كانت متانته مليئة تكاد تنفجر. يضغط بإبهامه على اللوحة الإلكترونية ويكتب :
– الموضوع عاجل. أريد خمسة دقائق إضافية.
– غير مسموح بها الآن. لقد تجاوزت الوقت المسموح به وعليك الانتظار.
تجيبه الآلة عبر نص مكتوب بالأحمر.
يعيد الكرة. ذات اللون الأحمر، نفس الجواب.
ينهض سعيد فجأة ويجري نحو المرحاض. سرواله مبتل. وجهه يستشيط غيضا. جبهته تنز عرقا.
ظل يرقص من ألم أمام باب المرحاض ويطرق بقوة حتى يخرج من في المرحاض يستريح.
عندما عاد سعيد لمكانه بالقرب من حاسوبه ومن اللوحة الإلكترونية وجد ثلاثة مسؤولين أنيقين. كانوا حليقي الذقن ويلبسون نفس ربطة العنق ويضعون ذات العطر الفرنسي الأخاذ لكن من دون تعابير إنسانية على وجوههم. قال أحدهم :
– لم تأخذ الإذن.
وقف سعيد. أشار لمكان البلل على سرواله دون كلمات.
– هذا لا يهم. قال الثاني.
تجهم وجهه. كانوا ثلاثتهم يوبخونه وهو واقف يضع يديه فوق مكان البلل.
في لحظة عابرة، فقد السيطرة على يديه، ضرب بقوة اللوحة الإلكترونية و……..
التعاليق