إفادة الجمعة 13 يوليو 2018 - 11:23

صفية عز الدين جيل النساء المنددات بالأصولية

     صفية عزالدين (من مواليد أغادير1979) تنتمي إلى جيل النساء المُسْلمات اللواتي رفعن أصواتهن مُندِّدات بأصولية تُّديينها عدة دول بشكل خافت. هي عالمة اجتماع، رِوائِية، ممثلة ومُخرجة سينمائية. رِوايتيْها “اعترافات الله ” و ” أبي امرأة نَظافة ” نجاحا في مبيعات عدد من المكتبات الفرنسية، وأنتجت جدالا واسعا حول الدين واندماج الجالية المسلمة بالدول الغربية.
     في روايتها الأخيرة ” ريح في الوجه ” (الصادرة عن دار النشر غري خالبوGrijalbo – . شتنبر2017. 256 صفحة. باللغة الاسبانية) تروي صفية عزالدين بنثر رشيق وبدون تنميق ،قصة شابة أرملة تُدعى بلقيس كانت لها الجرأة بأن تؤدي دور المؤذن بأحد الأمصار الإسلامية ليتم رفع محاكمة لها جراء فعلها هذا.
في فرنسا حيث يعيش حوالي خمسة ملايين مُسلم، ما يُقارب عشرة بالمائة من الساكنة. أبديتم انشغالكم بمسألة اندماج هذه الفئة في المُجتمع الفرنسي، هل هناك تحسُّن في ما يتعلّق بهذا الاندماج في السنوات الأخيرة؟
هناك أشياء لا تسير كما ينبغي في المُجتمع المسلم بفرنسا، لكن الأغلبية منهم فرنسيون يستيقظون باكرا للذهاب إلى العمل لهم أُسَر ولا يزعجون أحداً رغم أنهم لم يصلوا إلى درجة المثالية في تحسين أحوالهم. كما أن هناك فئة لم تحقق الاندماج كُلياً، ولا تسألني كيف يمكن أن نجعل من شخص تونسي أو جزائري أو مغربي مُندمجا وهو يعيش محصورا وسط أحياء هامشية وفقيرة، كذلك كيف يمكن أن نُدمج فرنسيين إذا لم نستطع الوصول إليهم.
تدور أحداث الرواية بمكان وصفتيه بالبلد المَيِّت، عن أي بلد تتحدثين؟
أقصد أفغانستان فهناك حضور لقوات الولايات المتحدة الأمريكية وهناك دمار شامل في جميع أرجاء البلد بسبب حرب  غير مُبَرَّرة بُنِيت على ادعاءات وأكاذيب جعلت من الموت يجثم على البلاد. إنها حرب ضد دولة لم تقم بأي إيذاء للولايات المتحدة الأمريكية، حرب قادها المجرم والسكير جورج بوش قائلا أنها أمر إلهي فأباد آلاف وآلاف من السكان في العراق وفي أفغانستان وهذا الرجل هو اليوم حر طليق .
والروس من دفعهم للانخراط في هذه الحرب؟
لا أدري فأنا لم أتحدث مع بوتين.
شخصية البطلة في الرواية هي امرأة تعيش في بلد يمكن لأي كائن آخر أن يعيش فيه بسلام ولو كان عصفورا صغيرا ولا يمكن للجنس الأنثوي ان تعيش فيه، البطلة في الرواية امرأة ينتظرها حكم بالرجم.
في الحقيقة هناك حالات قليلة انتهت بالرجم والأمر ليس شائعا كما يعتقد الكثير من الناس. رِوائيا أسعفتني هذه الوسيلة في سرد الأحداث وأردت من خلاله أن أفول أن الرجم لم يأمر به الله في القرآن لم يحدث نهائيا أن تحدث عن مثل هذه الإبادة المقدسة للحياة ،نعم نجد ذلك في الكتاب المقدس لكن ليس في القرآن ، الإشكال يوجد في تأويل النصوص المقدسة، فأي تأويل سيئ في أية ديانة يؤدي إلى خطورة.
هل لدينا صورة مشوهة عن القرآن؟
بداية الغرب يتناسى أن أغلب ضحايا الإرهاب هم مسلمون، وهذا أمر يجب لفْتُ النظر إليه، أما في ما يخص القرآن فهناك جهل تام به وأشكر بالمناسبة الصحفيين الذين يقومون بجهد للتعريف به، الناس هنا فقط يصدقون ما يقوم به الإعلام التلفزي عندما يتحدث عن القرآن. لاحظوا أن أول ما نزل من القرآن هي كلمة” اقرأ” لكن الناس هنا تترك ذلك وتبدأ من الصفحة الثانية. وعموما هنا نجهل كثيرا العالم الإسلامي، لقد قاموا باستعماره لكن لم يكلفوا أنفسَهم أن يتعرفوا على شعوبه.
في البلد التي تدور فيه أحداث روايتك يقال أن النساء لا يمكنهن تهذيب حواجبهن لأن ذلك يدخل في تغيير خلق الله، كما لا يستطعن امتلاك الدُمى المحشوة بالقطن، وليس مباح لهن التجول وهن يلبسن حمالات صدرية. هل كل هذا المنع هو حقيقة؟
كل هذا بحثت عنه في شبكة  الانترنت لقد اختلقوا أسبابا غريبة من أجل أن يصدروا عليها الفتوى، وقد سعيت كما قلت لأُبرهن أن بعض التأويلات للنصوص المقدسة تبدو أحيانا تافهة إلى درجة غير معقولة.
يقال أيضا أنه لا يجوز أن يختلي الرجل بامرأة في نفس الغرفة ؟
نعم، ولكن أكرر مرة أخرى هذا الأمر غير موجود في القرآن، فقط هذا من نسج ثلة من ضِعافي العقول… مثلا الشخصية الرئيسية في روايتي تمَّ تزوجها في سن الثالث عشر لرجل يبلغ ست وأربعون سنة وهو أمر يحدث كل يوم بالهند بالباكستان بأفغانستان…لهذا فبطلة الرواية ترى الموت أكثر نعومة من العيش وهذا شيء يصعُب علينا أن نتفهمه ورغم ما يبدو من تناقض فالبطلة تتمتع بشخصية حية، أُعطيكم مثالا ففي القرية التي تدور فيها أحداث الرواية هناك اثنان وعشرون مسجداً ولا يوجد مستشفى واحد، وهذه حقائق نجدها في أكثر من مكان، والله لم يطلب منا بناء هذا الكم الهائل من المساجد، إن بناء مسجد زائد في غياب مستشفى أو مدرسة يُعد في نظري خطيئة في حق الرب. المسلمون مُطالبون بأن يعلنوا تذمرهم على مثل هذه الأمور. عليهم بأن يقوموا بعملية استرجاع للدين وتجديده ليُواكبوا العصر الحالي، عليهم أن يثوروا عندما يظهر مسجد فارغ من الناس في مُعظم الأوقات. وهذا ليس بتحليل سياسي لأن المُستبدين الذين يملكون زمام السلطة في الأمصار الإسلامية هم ديكتاتوريون وناهبون. و اتجارهم بالدين جعلهم محصَّنين من أية مسؤولية جعلوا الدين الإسلامي شأنا سياسيا مما جعل الغرب يُشيطن الإسلام، وكلنا أصبح يعرف اليوم أن القاعدة وداعش هما صنيعتا أمريكيا، وأنا عندما أصرح بذلك فهذا لا يعني انني أبرر أعمالهم الإرهابية.
بطلة الرواية تقول في إحدى فقرات الرواية: “نحن المسلمون نحمل سبعة قرون من الانحدار ونرى قطار المستقبل يمر أمامنا دون أن نُكلّف أنفسنا عناء الصعود إليه…”
أحب أن يكون لدي فكرا نقديا اتجاه الغرب ولكن لا أعتقد أن المسلمين مجرد ضحايا، علينا إعادة صياغة ديننا، الغرب بدوره يتحمل مسؤولية تدمير الشرق الأوسط ولا يروقني أن أحمل عقلية الضحية. على المسلمين ان يملكوا زمام أمورهم، القيام بثورات ولكن ليس على شاكلة ثورات الربيع العربي التي لم تسفر الا على نتائج عقيمة نريد ثورات حقيقية تؤدي إلى تغيير المسار.
روايتك مبنية على وجهات نظر تلاث شخصيات :بلقيس المُتهَمة، صحافية أمريكية والتي ستقوم بإجراء حوار مع بلقيس و شخصية قاضي المحكمة الشرعية والغريب هي عندما يصل القاضي إلى منزله يأخذ في مشاهدة برامج ترفيهية اسبانية وبولونية و لبنانية وإيطالية رغم أنه لا يفقه في لغات هذه البرامج كذلك يستمع للموسيقى يستمتع بالألوان وينفجر ضاحكا على الرسوم المتحركة…
طبعا، فالقاضي يبدو ذو نزعة أصولية ومتطرفة لكنه في حقيقة الأمرهورجل في حاجة إلى الحب ..المداعبة..الجنس.. بشكل آخر هو كذلك ضحية يعاني صراعات داخلية بالغة.
هل توَدين أن تُقرأَ روايتك في جميع الدول الإسلامية؟
روايتي يمكن لها أن تُقرأ في كل هذه الدول فهي لم تتعرض لأي منع أو سبّ، فأنا أتحدث في روايتي مع أشخاص ولست أتحدث مع الله في نظري أنه من غير المُجدي التحدث مع الله أو الأنبياء وأنا أعلم أنني لن أتلقّى أي جواب منهم. الفكرة أن نُقيم مناظرة لا أن نحدث استِفزازات مجانية، وأنا شخصيا أهدف كروائِية أن أتحرى الحقيقة ومراجعة أفكاري، هناك مَقولة تقول” هناك شيء أقبح من فكرة سيِّئة هي الفكرة المنسوجة على مَقاس”.
هل قرأتِ كتاب “خضوع” للكاتب هولبرك Houellebecq ؟
كنت قد بدأت في قراءته لكن لم أُتممه بعد، فأنا فقط يمكنني أن أتحدث عن الكتب التي أتممت قراءتها وعلى كل حال لا أعتقد أنه أحسن ما كَتَب، ولكن أنا جد سعيدة في العيش ببلد يمكن لمثل هذه الكتب أن تُنشر.
أبوك كان حكواتيا؟
فعلا، فالتقاليد العربية هي شفاهية وأنا أصبحت كاتبة بفضل ذلك، عندما كانوا يمنعونني من الخروج ليلا لإحياء الحفلات الليلية لم يكن لي اختيار آخر سوى الاستماع لمَروياته.
عبد اللطيف شهيد مترجم من المغرب

التعاليق

المزيد من سياسات دولية

تلفزيون الموقع

تابع إفادة على:

تحميل التطبيق