يقول زهير توفيق مؤلف كتاب “النهضة المهدورة.. مراجعات نقدية في المشروع النهضوي العربي وبناء المعرفية”، إنّ أزمة النهضة العربية تتمثل في تناقضاتها الداخلية والذاتية التي مهدت الطريق للأسباب الخارجية لإعاقتها ومنع تحققها في الواقع.
ويتابع المؤلف في كتابه الذي اشتمل على أربعة فصول وصدر حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، أن تلك الأسباب لم تترك للعوامل الداخلية الفاعلية اللازمة لتقوم مسيرتها وحمايتها من السقوط والتصفية، وفي مرحلة لاحقة تداخلت العوامل الداخلية والخارجية وشكلت معاً عاملاً واحداً تمظهر بالتأخر التاريخي الشامل الذي تعمق في التخلف لاحقاً وكان سبباً ونتيجة للاستبداد والتقليد ومن ثم السقوط والفشل.
كذلك يرى توفيق أن مسؤولية الفشل والانهيار الممتد تقع على عاتق النهضويين العرب الذين أنتجوا خطاباً نهضوياً قابلاً للتفكك والانهيار من حيث المبدأ – مستوحين نظرية مالك بن نبي: ‘قابلية الاستعمار’، التي فسّرت نجاح الاستعمار في السيطرة واستغلال الأرض والإنسان من خلال استسلام الإنسان الشرقي لقدره – منذ الانفتاح الأول على معطيات التقدم العربي، ووعي الذات بالتأخر التاريخي.
فيما يعتبر أن التفكيك الذاتي لمشروع النهضة العربية بحكم تناقضاته البنيوية أعاق تطوره كمشروع تغيير واستنفد قدرته على الاستمرار والعطاء، بغضّ النظر عن العوامل الخارجية (الغرب) التي فعّلت تناقضاته الداخلية بتقديم الخميرة اللازمة للمصالح والأيديولوجيا لإنضاج تلك التناقضات لمصلحته واستثمارها بالزمان والمكان والأدوات المناسبة ضد الشرق ومشروعه النهضوي.
أضف تعليقك