شقير: يصدر كتابا يرصد دور مستشاري الملك في النظام السياسي المغربي
اصدر الدكتور محمد شقير مؤلفا جديدا تحت عنوان “مستشارو الملك من ظل الحكم إلى ظل الحكومة”، يسلط الضوء من خلاله على “مؤسسة” مستشاري الملك، والدور الذي يضطلعون به في النظام السياسي المغربي، والاطار الدستوري والقانوني والسياسي الذي يؤطرهم.
واعتبر استاذ العلوم السياسية، ان كل الأنظمة السياسية تعرف تواجد شخصية المستشار ، ” فما من حاكم ، سواء كان رئيسا للدولة ، أو ملكا ، أو امبراطورا إلا وكان في حاجة إلى مستشار أو مستشارين للتداول معهم في أمور تسيير الشأن العام ، أو الاستئناس برأيهم في اتخاذ بعض القرارات السياسية الخاصة تلك التي تتخذ بعدا استراتيجيا أو مصيريا”. من هذا المنطلق تطرق لوضع المستشار داخل النظام السياسي المغربي، معتبرا ان السلاطين المغاربة، عرفوا دائما تواجد شحصيات الى جانبهم يستشيرونهم في كل القضايا السياسية والقرارات التي تهم تسيير الدولة.
المؤلف يعود الى التاريخ لرصد تطور “مؤسسة المستشار” والتغييرات التي حدثت فيها. يقول الكاتب “كثيرا ما اتخذ مستشارو الملك شكلا ممأسسا خاصة في عهد أحمد المنصور الذهبي فيما سمي بالديوان، وقد ظهر ذلك واضحا عندما استدعى هذا السلطان كافة مستشاريه للتعرف على رأيهم فيما يتعلق بغزو بلاد السودان .
وقد بقي السلاطين السعديون والعلويون ، فيما بعد، يحيطون أنفسهم بمستشارين ، يطلبون مشورتهم في مختلف قضايا الدولة ، حيث لم يقتصر الأمر فقط على شخصيات عسكرية ومدنية محلية ، بل كثيرا ما تم تقريب شخصيات أجنبية لاستشارتها والاستفادة من آرائها في قضايا معينة . فالمولى عبد العزيز كان يستشير مجموعة من الشخصيات الأوربية التي كانت مقربة من القصر كالكولونيل الإنجليزي ما كلين والفرنسي في العديد من الإصلاحات التي كان يريد إدخالها على هياكل الدولة سواء على الصعيد العسكري أو الضرائبي أو الإداري . وبعد الإصلاحات التي أدخلتها سلطات الحماية على دواليب الدولة ، عرف منصب المستشار الملكي تطورا ملحوظا هم اختصاصاته و رجالاته, بل حتى تسميته. ففي عهد محمد الخامس, اقتصر دور المستشار الملكي على إسداء النصيحة و المشورة و تقديم المعلومات و المعطيات بصورة كتومة إلى ملك حديث عهد برئاسة الدولة. وفي هذا الصدد كتب “جون واتربوري” في كتابه الشهير “أمير المؤمنين,الملكية المغربية و نخبتها” أن الديوان الملكي, و من ضمنه المستشارين “أنشئ سنة 1950 تحت اسم “الديوان الامبراطوري” وفي السابع من ديسمبر من سنة 1955 حدد ظهير ملكي تشكيلته بدقة, حيث أصبح يتكون من مدير عام ، و من مدير رئيس الديوان و مستشار وثمانية ملحقين, أي ما مجموعه 12 شخصا.” و من المستشارين الذين عملوا تحت إمرة محمد الخامس مولاي العربي العلوي شيخ الإسلام و المختار السوسي و لحسن اليوسي, و قد حمل هؤلاء لقب “مستشاري العرش” و قد روعي في اختيارهم,كما هو ملحوظ, بعد كفاءتهم العلمية والشخصية, انتماءهم القبلي, و ذلك في فترة كان ما زال لهذا الانتماء دور و أهمية. بيد أن الديوان الملكي قد اتخذ طابعا مختلفا كل الاختلاف مع تولي الحسن الثاني سدة الحكم, سواء على الصعيد الكمي أو على مستوى الاختصاصات, إذ أن متوسط عدد المستشارين في عهده كان يناهز الثلاثين مستشارا حددت مهامهم و هيكلتهم و مسؤولياتهم بشكل واضح”.
ويخلص الكاتب الى انه بالرغم من التطور الذي عرفه منصب المستشار، الا انه بقي حسب تعبيره منصبا غامضا وبدون تقنين سياسي أو دستوري. ليخلص الى عدة تساؤلات بخصوص ذلك من اهمها :
إذا كان من صلاحيات الملك تعيين مستشارين بواسطة ظهير شريف لكن هل في الدستور ما ينص على ذلك ؟
وعلى اعتبار أن المؤسسة الملكية مؤسسة دستورية ، لماذا لم يتم طرح اسئلة حول اختصاصات المستشار الملكي مادام هذا الأخير يعمل ضمن سياق هذه المؤسسة وتعيينه مبني على كفاءته كما تراه هذه المؤسسة ؟
ليجيب عن الاسئلة السابقة من خلال كون مركزية المؤسسة الملكية داخل النظام السياسي المغربي، يجعل من المستشار امتدادا للذات الملكية.