هيئة التحرير افادة الأحد 31 دجنبر - 01:07

سيرة بوب ديلان في ترجمة عربية

كتب المغني والشاعر الأميركي بوب ديلان، حائز نوبل للآداب 2016، كتابا واحداً بعنوان «اخبار الأيام». وقد صدرت منذ أيام الترجمة العربية للكتاب عن منشورات «روايات» التابعة لمجموعة «كلمات» في الإمارات العربية المتحدة. قام بالترجمة الشاعر والمترجم السعودي عبدالوهاب أبو زيد.
ديلان وثورة شباب الستينات
المغني بوب ديلان، المولود في عام 1941، هو ملحن وفنان وشاعر أميركي وشخصية مؤثرة في الموسيقى والثقافة الشعبية الأميركية لأكثر من خمسة عقود. لكن منحه جائزة نوبل أثار ضجة في الوسط الأدبي توزعت بين الاعتراض والدهشة. اما سبب منحه الجائزة الادبية الأهم عالميا (نوبل) فهو أنه «في ما كتبه من أشعار غنائية ابتكر تعابير شعرية جديدة داخل التقاليد الأميركية».
بلغت شهرة ديلان ذروتها إبان ثورة الشباب العالمية في الستينات من القرن العشرين. وكانت كلمات أغانيه تعبّر عن كثير من الحكمة والاحتجاج معاً. وهذا ما دفع حركة الحقوق المدنية للأفارقة السود الأميركيين، وكذلك الحركة المناهضة لحرب فيتنام إلى استخدام بعض أغانيه أناشيدَ لهم. فقد تضمنت كلمات ديلان مجموعة متنوعة من التأثيرات السياسية والاجتماعية والفلسفية والأدبية. وسمي ديلان في الستينات صوت الجيل الجديد الذي رفع كلماته وأغانيه ضد الحرب وفي وجه الأنظمة السياسية الجائرة.


الأكثر انتشاراً في التاريخ

الى كتابه الوحيد هذا نُشرت له ستة كتب من الرسومات واللوحات، وقد بيعت اسطواناته بأكثر من مئة مليون نسخة في جميع أنحاء العالم. حاز ديلان 12 جائزة كان آخرها جائزة من الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما قبل حصوله على نوبل للآداب.
كتاب «اخبار الأيام» هو سيرة ديلان الفنية منذ كان متشرداً في نيويورك حتى وصوله إلى قمة المجد الفني. والمعروف ان أغانيه تتضمن لمحات فلسفية وشعرية وهموماً اجتماعية وسياسية وأفكاراً قطّرها من أرواح سابقيه من مغني البلوز والروك اند رول والكونتري والجاز والفولك، وكذلك من كبار شعراء أميركا من أمثال ت. س. اليوت وادغار الان بو. والمعروف أن ديلان أصدر أسطوانة كاملة مستوحاة من قصص الكاتب الروسي تشيخوف.


الطرد حياةٌ أُسرية
الكتاب مكتوب بأسلوب سردي على الطريقة الأميركية. أسلوبه الادبي يكمن في إخفائه لغة الأدب واستعمال لغة الحياة اليومية المباشرة. وهذه من ملامح الروح الأميركية في الأغاني وفي السينما وفي الفن عموماً. في الصفحات الأولى من أخبار بوب ديلان أو سيرته نقرأ لقاءه مع جون هاموند الذي «أحضرني الى شركة كولومبيا ريكوردز»، وهاموند هذا هو الذي اكتشف ديلان وأطلقه في عالم الفن وكان ارستقراطياً أميركياً خالصاً، على ما كتب ديلان نفسه. وكانت شركة «كولومبيا» إحدى أبرز الشركات في أميركا وأوسعها انتشاراً. يكتب ديلان ان مجرد وقوفه عند بابها كان أمراً مهماً. بعدما تعرف اليه هاموند عرّفه على بيلي جيمس رئيس قسم الدعاية في الشركة وطلب منه كتابة نبذة ترويجية عنه. سأله بيلي عن مسقط رأسه فقال له ديلان «انني من ايلينوي. ثم سألني ان كنت اشتغلت في أي من المجالات، فقلت له انني شغلت دزينة من الوظائف من بينها أنني قدت عربة مخبز، وعملت في بناء البيوت». عندما سأله مصمم الدعاية في الشركة ان كانت لديه أسرة أجاب ديلان «ليس لديه أدنى فكرة عن ذلك. لقد رحلوا منذ زمن طويل». ثم سأله جيمس «كيف كانت حياتك الأسرية؟ (فأجابه): لقد طُردت. وأي نوع من الموسيقى تعزف؟ الموسيقة الشعبية، تلك التي تتناقلها الأجيال. وكيف وصلت إلى هنا؟ (فقال) ركبت قطار شحن».


مجد بلا إرث
على هذا النحو يستمر ديلان في رواية مقتطفات سيرة حياته التي يبدو انها بدأت من العدم، من لا شيء، وهذه مميزات الشخصية الأميركية التي غالباً لا ترث مجداً مسبقا، بل تصنعه في حاضرها انطلاقا من الصفر.
والطريقة التي يقدم بها ديلان سردياته تتجاوز قصص حياته إلى وصف الأماكن والمدن التي مرّ بها وعرفها «كل شيء في نيو اورليانز هو فكرة جيدة. أكواخ على هيئة معابد أنيقة وكاتدرائيات جنباً الى جنب. بيوت وقصور أنيقة جمالها خلاب. مبان ذات ملامح إيطالية وغوطية. وكل ذلك يصطف في صف واحد تحت المطر».


نيويورك الساحرة
ذكريات ديلان تبدأ في مدينة نيويورك عام 1961 حيث الاحتمالات الساحرة والأبخرة المتصاعدة من الأرض وحفلات الليالي الطويلة الحمراء والحركات الشبابية الوليدة، وكذلك الحركات الفنية. ومن نعتبرهم اليوم شخصيات أسطورية كانوا يعيشون حينذاك في شوارع مانهاتن ويلتقيهم ديلان الواحد تلو الآخر، يتعلم أسلوباً جديداً من هذا وتكتيكا آخر من ذاك، وينام على أريكة في مكتب صديق ويستمع الى أسطوانات الفونوغراف في شقة صديقته.

فلسفة وضحك
عن كتابه هذا «أخبار الأيام» قال اصدقاؤه في فرقة الرولينغ ستونز انه كتاب عن الحياة العادية لكنه عن الحياة على نحو لم نعرف له مثيلا من قبل. جريدة نيويورك تايمز وصفت الكتاب بالمدهش لأنه يقبض على انفلاتات ديلان الإبداعية الأولى وروحه الشابة بتداعٍ خاطف. اما جريدة بوسطن غلوبال فقالت ان الكتاب يتضمن تأملات عن النظرية الموسيقية وتعليقات حادة حيناً وآراء مضحكة حيناً آخر، وومضات شعرية مع وقائع مصفاة وملونة لتبهج وتحيّر في الوقت نفسه. انه حقا كتاب جدير بالقراءة.

التعاليق

المزيد من سياسات دولية

تلفزيون الموقع

تابع إفادة على:

تحميل التطبيق