الجمعة 24 أغسطس 09:08
8458
أصدَر أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم “داعش” يوم أمس شريطا صوتيا بثَّته مُؤسَّسة الفُرقان.
البغدادي أراد أن يقول في هذا الشَّريط الصَّوتيّ الذي استغرَق 54 دقيقةً وجاءَ بعد عامٍ من الصَّمت، أن يُؤكِّد أنّه ما زالَ على قَيدِ الحياة، وأن يُكَذِّب، وبِصُورةٍ مُباشرةٍ، كُل التَّقارير الإخباريّة التي تَحدَّثَت عن مَقتَله في غاراتٍ جويّةٍ روسيّةٍ أو أمريكيّة، وحَرَص، وعلى طريقَة زعيمه الرَّاحِل أُسامة بن لادن، أن يَستخدِم بعض الأدلَّة التي تُؤكِّد أنّ الشَّريط حديثُ التَّسجيل، مِثل الإشارةِ إلى العُقوبات الأمريكيّة التي جَرى فرضها على تركيا مَطلَع الشَّهر الحاليّ، والأزمةِ التركيّة الأمريكيّة المُتفاقِمة على أرضيّة اعتقال القِس أندرو برونسون.
المكان الذي يتواجد فيه البغدادي ما زالَ مَجهولاً، ويَصعُب تحديده، خاصَّةً بعد أن خَسِرت “الدولة الإسلاميّة” حَواليّ 90 بالمِئة من الأراضي التي كانت تُسيطِر عليها منذ إعلانِه “الخِلافة” في يونيو 2014، مِن عَلى مِنبر الجامع النوري الكبير في الموصل، وهُناك تَكهُّنات تتوقَّع وجوده، أي البغدادي، في الشَّريط المُمتَد على طُول الحُدود العِراقيّة السُّوريّة، وما زالَ يَخضَع لسَيطرةِ تنظيمِه، وأُخرَى تقول أنّه غادَر إلى أحَد فُروع التَّنظيم في أكثَرِ من مَكانٍ مِثل ليبيا وأفغانستان واليمن.
الاستماع إلى مَضمونِ هذا الشَّريط يَدفَع المُراقِب المُتخَصِّص للتَّوقُّف عِند أمرَين أساسِيين:
ـ الأوّل: مُحاولة زَعيم تنظيم “الدولة الإسلاميّة” رفع مَعنويّات أتباعه، بعد الخَسائِر الكبيرة التي لَحِقَت بِهِم في العِراق وسورية، وأبرزها خسارة العاصِمتين الرَّئيسيّتين الموصل (العِراق)، ووصفهم بالأُسود الضَّارِية، وأكَّد لهم أنّ المِعيار الأساسيّ للنَّصر ليسَ امتلاك الصَّواريخ والطائرات واستعادَة المُدن، وإنّما الإيمان والعَزيمة.
ـ الثاني: تَجديدُ التَّحريض على الهَجَمات الإرهابيّة واستخدام القَنابِل والسَّكاكين والسيّارات في شَنِّها، وَحَث مُواطِني السعوديّة والبحرين والأُردن على الإطاحةِ بحُكَّامِهِم، ومُطالَبة أنصارِه بقِتال الشِّيعة والمُرتَدين السُّنّة على حَدٍّ سَواء إلى جانِب الأمريكان والرُّوس والغَربيين عُمومًا.
القِراءة المُتأنِّية لما وَرَد في هذا الشَّريط وما خَلف سُطور فقراته، تُوحِي بأنّ زعيم تنظيم “داعش” يُنَظِّر للمَرحلةِ الثانية في استراتيجيّة التَّنظيم وهِي النُّزول تحت الأرض بعد خَسارة ما فوقها، واستخدام الهَجَمات الإرهابيّة، على غِرار نَهج تنظيم “القاعِدة” في صيغَتِه العَملياتيّة الأُولى، على اعتبارِ أنّ مرحلة “التَّمَكُّن” انتهَت، وباتَ من الصَّعبِ العَودَةَ إليها بسُقوط العاصِمَتين المُوصل والرقَّة.
النُّزول تَحت الأرض، واللُّجوء إلى العَمل السِّرّي، ربّما يكون أكثر خُطورةً، وأقَل تَكلِفَةً ماديًّا وبَشريًّا، لأنّ من يُريدون استهداف التَّنظيم واستئصالِه، سيتعامَلون في هَذهِ المَرحلة مع أشباح، وخلايا سِريّة نائِمة، وليس كمَراكِز حَضريّة مَعروفة مِثلَما كان عليه الحال طِوال السَّنوات الأربَع الماضِية من عُمُرِ “الدَّولة”.
ربّما مِن المُبكِر رَبط الهُجومَين الإرهابيين اللذين وَقَعا في لندن (الأُسبوع الماضي)، وباريس (اليوم)، وكذلك أحداث السَّلط في الأُردن، بشَريطِ البغدادي، ولكن مِن غير المُستَبعد أن يَجِد هذا الشَّريط بعض التَّجاوُب مِن قِبَل الخلايا النَّائِمة، خاصَّةً في أوروبا والغَرب، الأمر الذي يُحَتِّم أخذه، والتَّحريض الذي وَرَدَ فيه، بكُل جِديّة.
Warning: Undefined variable $postData in /home/ifada/public_html/wp-content/themes/NewsPaperOne-Light/template-parts/content/content-single.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on null in /home/ifada/public_html/wp-content/themes/NewsPaperOne-Light/template-parts/content/content-single.php on line 55
Warning: Attempt to read property "ID" on null in /home/ifada/public_html/wp-content/themes/NewsPaperOne-Light/template-parts/content/content-single.php on line 55
أضف تعليقك