
جيل كيبل: أهداف اعتداءات 13 نونبر على فرنسا
منذ اعتداءات 13 نونبر 2015 التي استهدفت عدة مقاهي ومطاعم وأيضا مسرح Le bataclan في قلب العاصمة باريس، صار موضوع الإرهاب الاسلامي نقطة تجاذب في الساحة السياسية بين الحكم الاشتراكي والمعارضة اليمينية. حيث تم باسم محاربة الإرهاب تمديد قانون الطوارئ عدة مرات، إلى أن تمت المصادقة في أكتوبر الماضي على قانون مكافحة الإرهاب .
ومنذ تلك الاعتداءات السوداء ما زالت تعيش الجاليات العربية والمسلمة في فرنسا أوضاعا بالغة الصعوبة. فغداة هذه الاعتداءات توجهت أصابع الاتهام إلى المسلمين بالنظر إلى أن كل منفذي الاعتداءات مسلمون وارتكبوها باسم الدفاع عن الإسلام والمسلمين.
وتحول المسلمون إلى ضحية لهذه الاعتداءات حيث ارتفعت وتيرة الاعتداءات على المساجد والأشخاص رغم أن العديد من الشخصيات والقيادات الإسلامية الفرنسية والأئمة كانوا سباقين لإدانة الإرهاب والتطرف الإسلامي وتصاعدت بقوة الاعتداءات الاسلاموفوبية ضد الفرنسيين المسلمين بشكل لافت زاد من تعميق الهوة بينهم وبين المجتمع الفرنسي. وبهذا تكون هذه الاعتداءات نجحت، إن كان هذا افتراضا هو هدف المخططين لها، في تأليب الفرنسيين ضد المسلمين وترسيخ عقدة الشعور بالذنب.
هذا ما يقوله الكاتب والباحث الفرنسي المتخصص في شؤون الإسلام والحركات الجهادية جيل كيبيل في كتابه الذي أصدره العام الماضي la fracture…
ويقول جيل كبيل عن كتابه الذي اثار جدلا كبيرا في فرنسا:
“كتاب “الشرخ” يتألف في الواقع من مجموعة من المقالات كنت أذعتها في زاوية أسبوعية في الإذاعة الثقافية الفرنسية فرانس كولتور ما بين 2015 و2016 وتناولت فيها الهجمات الإرهابية التي ضربت فرنسا ابتداء من الهجوم على مقر صحيفة شارلي ايبدو إلى اغتيال الراهب الفرنسي الصيف الماضي مرورا باعتداء الثالث عشر من نوفمبر ومجزرة الباتكلان، واستشرف فيها ظاهرة الإرهاب الإسلامي المتطرف…
ما أقصد به بعنوان الكتاب “الشرخ” هو أن الهدف الأساسي للإرهاب الجهادي هو إحداث شرخ في المجتمع الفرنسي من خلال تكثيف الاعتداءات الإرهابية خاصة تلك التي تستهدف التجمعات السكانية الكثيفة وتحدث خسائر بشرية كبيرة. هذه الاعتداءات تعمق من درجة الرعب في المجتمع وتوجه الحقد ضد المسلمين.
والهدف هو خلق بذور حرب أهلية في فرنسا بين المسلمين وبقية الشعب الفرنسي. وللأسف انزلق العديد من السياسيين خاصة في أوساط اليمين المحافظ والمتطرف إلى هذا الفخ وباتوا يشككون في ولاء وإخلاص المسلمين للمبادئ الجمهورية حتى أن شريحة مهمة في المجتمع الفرنسي باتت تعتبر المسلمين والفرنسيين من أصل عربي ومسلم سبب كل بلاوي الإرهاب المتطرف.
كتاب “الشرخ” هو أيضا محاولة لسبر أغوار رؤية متكاملة لظاهرة الإرهاب المتطرف والأجوبة التي يجب على السياسيين أن يقدموها للناخبين في أفق الانتخابات الرئاسية المقبلة”.
هكذا إذن هي فرنسا ، حسب جيل كيبيل، بعد مرور عام على اعتداءات 13 نونبر: “شعب يعيش على وقع الخوف اليومي من تكرار هجمات مشابهة ونخبة سياسية يسارا ويمينا تتخبط في عجزها عن إيجاد رؤية استراتيجية لاستئصال جذور الإرهاب في التربة الفرنسية وأيضا جاليات عربية ومسلمة تعيش الخوف من الاعتداءات كقدر محتوم سيعود عليها بالمزيد من التهميش والعزلة في بيئة صارت معادية للإسلام والمسلمين”.
التعاليق