عندما تكون الأفضل في أمرٍ ما، ما مدى صعوبة أن لا تكون مغرورًا؟
لقد اعتدت على إزعاج الأطفال الآخرين لأنني كنت ألعب أفضل منهم. إلى أن قال لي والدي “تعال هنا، لا تفعل ذلك ثانيةً مع الأطفال، لأن الله هو من منحك موهبة لعب كرة القدم. أنت لم تفعل أي شيء حيال ذلك. لقد كان الأمر كله هبة من الله. يجب عليك احترام الناس، لأنه أمرٌ مهم كي تصبح رجلًا جيدًا، وشخصًا صالحًا. من الآن وصاعدًا، يجب أن تكون مثالًا جيدًا”.
لست متأكدًا من أن الله وحده هو من منحك هذه الموهبة. فلكي تكون الأفضل في اللعبة، يتطلب الأمر منك العمل الجاد أيضًا، أليس كذلك؟
ما من شك أن العمل الجاد غاية في الأهمية. وهو ما كان يقصده والدي بالضبط عندما قال، لقد منحك الله موهبة لعب كرة القدم، الأمر كله هبة من الله. يجب أن تحترم الناس، وتعمل بجد حتى تكون كما ينبغي. وقد اعتدت التدرب بجد. فعندما كان اللاعبون يذهبون إلى الشاطئ بعد التدريب، كنت أستمر في مكان التدريب أركل الكرة. بعبارة أخرى، إذا كنت لاعبًا جيدًا، ومنحني الله الموهبة، لكنني لا أمتلك القدرة البدنية التي تمكنني من الجري في الملعب، ما الذي يمكنني أن أفعله إذًا؟
هل شعرت من قبل كما لو أن قدراتك تفوق قدرات البشر؟
كلا، نحن جميعنا بشر. يجب أن أثق في من منحني القوة، يجب أن أؤمن بذلك، وطوال حياتي المهنية، كان لدي الكثير من اللحظات مع الله التي لا يمكنني وصفها بمجرد كلمات. فقد ذهبنا إلى أفريقيا، وأوقفنا الحرب في أفريقيا لأن الناس ذهبوا لكي يشاهدوا بيليه وهو يلعب كرة القدم. لقد أوقفوا الحرب. الله وحده هو من يملك تفسيرًا لذلك. أنا لا أعلم السبب، ومن المستحيل أن تعلم السبب، ولكنهم أوقفوا الحرب. عندما أنهينا المباراة وانصرفنا، واصلوا القتال مرةً أخرى.
في أي بلد حدث ذلك؟
في نيجيريا.
هل كنت تعلم دائمًا أنك معني بتحقيق أشياء عظيمة؟
أذكر أن أول كأس عالم كان عام 1950، وكنت أبلغ من العمر حينها 9 أو 10 سنوات. كان والدي لاعب كرة قدم، وكانت هناك احتفالية كبيرة، ولكن عندما خسرت البرازيل أمام الأوروغواي، رأيت والدي وهو يبكي. كنت مثل باقي الأطفال، وقلت له “لماذا تبكي؟” رد عليّ قائلًا “لقد خسرت البرازيل كأس العالم”. فقلت له مازحًا “لا تبك، لا تبك، سوف أفوز بكأس العالم من أجلك”. بعد ذلك بثمانية أعوام، في عام 1958، كنت ألعب في منتخب البرازيل عندما فزنا بكأس العالم في السويد.
لا شك أنك شعرت بالفخر..
هذا أمر يصعب تفسيره. لا أعلم سبب وجودي هناك حينها، لكنني اخترت، وفازت البرازيل، وقد كنت في السابعة عشر من عمري فقط.
هل كنت تدرك ما التأثير الذي قد يمثله هذا الانتصار؟
في ذلك الوقت، لم يكن أحد يعلم أن هناك دولة اسمها البرازيل على الخريطة، ولكن فجأة، أصبحت البرازيل دولة كرة القدم الكبرى. كنت فخورًا جدًا لأنني جعلت من البرازيل دولة مشهورة في جميع أنحاء العالم. أما الآن، وفي ظل التكنولوجيا الحديثة، يسجل الفتيان الهدف، ومن ثم يركضون خلف المرمى ويقولون “أحبك يا أمي” أمام الكاميرا، ويراهم العالم بأسره. ولكن قديمًا في أيام لعبي للكرة، أعتقد أنه ربما قد رأى والدي المباراة، وربما قد علم أننا فزنا، إذ لم نملك تلفازًا في ذلك الوقت، ولم نكن نملك هذا النوع من وسائل الاتصالات. لقد انتهت المباراة في تلك الليلة، ومن ثم توجهنا في اليوم التالي إلى المحطة الإذاعية في السويد للحديث لراديو في البرازيل ونقول “لقد فزنا يا أمي”. وها أنت ترى الاختلاف الذي نعيشه الآن. لا يمكنني أن أنسى ذلك الأمر على الإطلاق.
ما الذي تغير أيضًا في رياضة كرة القدم؟
اللعبة كما هي. لكننا اعتدنا أن نسافر طوال العام إلى كل مكان من أجل الحصول على الأموال. سافرنا في يناير، وفبراير إلى دول أمريكا اللاتينية، لعبنا كرة القدم وحصلنا على الأموال. وفي الصيف، كنا نذهب في جولات إلى أوروبا، وكنا نحصل على الأموال أيضًا. أما الآن، هناك رعاة، واللاعبين ليسوا في حاجة للسفر. عندما كنت ألعب كرة القدم، كنا نقدم كرة القدم إلى العالم. ولكن هناك نهج مختلف الآن.
هل كان سفرك لجميع أنحاء العالم سببًا جزئيًا في أن أصبحت كرة القدم أكبر رياضة في العالم؟
كان ذلك سببًا أن أصبح مثالًا يُحتذى به للشباب. إذا انتهى أجلي في يوم ما، سوف أكون سعيدًا لأنني حاولت أن أبذل قصارى جهدي. فقد أتاحت لي الرياضة التي ألعبها الفرصة لكي أُقدم الكثير، لأنها أكثر رياضة مشهورة في العالم.
هل يوجد لدينا بيليه آخر الآن؟
بيليه جديد؟ من المستحيل أن يكون هناك بيليه جديد، لأن أبي وأمي قد أوقفوا الماكينة (يضحك).
من هو لاعبك المفضل حاليًا؟
خلال السنوات الماضية، كان زيدان، ويأتي بعده كرويف، وأوزيبيو. نيمار لاعب كرة ممتاز، لكنه يحتاج لاكتساب مزيد من الخبرة، واللعب الخارجي. وبالتأكيد ميسي ورونالدو جيدان أيضًا. ميسي هو أفضل لاعب في الوقت الراهن، لأنه ظل أفضل لاعب قرابة عشر سنوات. هناك الكثير من اللاعبين العظماء الذين يسطع نجمهم لمدة عام أو عامين، ومن ثم يختفون. أما أن يكون لديك لاعب عظيم لمدة عشر سنوات، فهو أمر غاية في الأهمية.
أضف تعليقك