
برنامج لالة لعروسة يشجع على العزوبية
بقلم : أسماء بوكرار
حُلمي أخذ لَقب” لالة العروسة”، هِي إِجابةُ أحدِ المُتسابقَات في بَرنامج يعرضُ سنويًّا على قناةٍ مغربية رَسمية ، برنامج عبارة عَن مسابقة تضُم مُشاركين متزوجِين مِن مُختلف المُدن المَغربية ومن يفوز في آخر”برايم” ،يأخذُ لقَب لالة العروسة المَوسم، طَبيعةُ الألعابِ والأَسئلة تقومُ على كشفِ مدى معرفة الشريكِ بنصفهِ الاخر لأجل حياةٍ زوجيةٍ سعيدةٍ، وهو في الحقيقة الجميعِ مشاركٌ من أجل المقابلِ المادي النفعي ، الذي سيمنح لصاحبِ اللَّقب .
فالغايةُ تبرر الوسيلة ،الغاية هنا هي الفوزُ والوسيلةُ تكمنُ في تلك الأنشطةِ والأسئلةِ المحرجة التي لا تَرقى لمُستوى ثقافَة الأسَر المَغربية التي تؤطِّرهَا الأخلاقُ والقيمُ المُجتمعية المبنيةِ على حمايةِ وصيانةِ العلاقة الزوجية سواءٌ بالمنظورِ الديني الذي يحكُمها أو بالَأعراف المُتعارفِ عليها .
وفِي محاولة لقَلبِ الشاشةِ ،نجدُ المُتفرج الذي ينتظرُ ليلةَ كلِّ سبتٍ في حَالةِ هُروبٍ من واقعِه ،إذ يعتبرُ سوادهُ الأعظم شبابٌ عازفٌ عنِ الزواج ، أوُل أسبابِ عزوفِه هي البِطالةُ الخَانقة التي تنُم عن قَلقٍ اجتماعِي مليءٍ بالإحباطِ، وفي أثناءِ مشاهدتهِ لبرنامج لالة العروسة َيسقطُ في دوامةِ الفشلِ والسخطِ لأَن واقعه ُبعيدٌ عن ما يريدُ هو ، فيتدخلُ الاعلام هنا مستغلاً هذا الفراغَ ليحدِّد كما يريد سقف الأحلام وهي عبارة ٌعن شقةِ مفروشةٍ وقسيمةِ شراءٍ والجائزةُ الكبرى عُرسٌ أُسطورِي يُشاهده المغاربةُ ، هي متطلباتٌ في الأَصلِ جدُّ بسيطةٍ لا فرق بينها وبين المأكلِ والمَشرب بحيثُ يجب أن تكون متاحة ومتوفرة عند كل مواطن ومواطنةٍ، ليست بشيء خيالي كما يتم التسويق لها وتعديلها بماكياج جميلٍ وجذابٍ ، لكنَّ الطامة الكبرى هي أن مختصر هاتِه المتطلباتِ البسيطةِ أضحت حلمًا في واقعٍ مغربي مليءٍ بالفجوات الشاسعة بينه كواقع وبين وما يتم الترويج له في إعلامِنا ، وعندمَا نتحدثُ عن برنامجٍ تلفزيونِي فهذا يعني أنه تتم مشاهدتُه أو الوصول له مِن كلِّ بيتٍ مغربي ، ونعلمُ مدى قوة وتأثير الصورة لدرجة أن الأمر لم يَعد يقتصر على التأثِيرِ فقط بل على التمويهِ أيضاً لأَن الإِعلام المَرئي يصلُ إِلى عُقولِنا وأَحلامِنا بشكلٍ مُباشرٍ وبالتَالي وفقاً لهذَا التأثيرِ المُمنهج تتحددُ من خلاله هويتُنا وقيمُنا وأَحلامنا ، وحينَما نسقطُ في شباكِ إرادتِه ونقارنهاَ مع الواقعِ اليومي الكادِح ، خُصوصًا وأن ظُروف العيشِ تزدادُ قتامةً مع الأزماتِ الاقتصادِية، فيطفُوا موضُوع الزَّواجِ في السطحِ ليصبحَ بعيدَ المَنالِ بناءاً على القالبِ المرسومِ في هذا البرنامج دون مراعاةٍ للمشاكلِ الماديِة والاجتماعيةِ بالأساسِ التي يغرُق فيها مُعظم الشَّباب المغاربةِ مَع عدَم إيجاد بدائل حقيقية ملموسة وليست فقط دعايات تسويقية استهلاكية.