باحثة امريكية تتوقع فشل جهود بن سلمان الإصلاحية
هل تنجح جهود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إعادة تشكيل المجتمع السعودي؟ هذا ما طرحه مقال للكاتبة كالفيرت جونز نشرته صحيفة واشنطن بوست، موضحا أن التغيير الراديكالي المماثل الذي تم تجريبه في تركيا أتاتورك وإيران الشاه سابقا ودولة الإمارات حاليا، أسفر عن نتائج متباينة وعكسية أيضا.
وقالت كاتبة المقال الأستاذة بجامعة ميريلاند الأميركية كالفيرت جونز إن التغيير المنشود في السعودية يتطلب ذهنيات صديقة للتنمية القادرة على المنافسة في ظل العولمة، وإن قادة السعودية سيكتشفون أن ذلك لن يتم إلا بإعادة التفاوض بشأن العقد الاجتماعي (نظام الحكم) بشكل أكثر شفافية وطرق جاذبة وتجاوز ما يمكن أن تنجزه الحكومة لوحدها، أي بمشاركة اجتماعية واسعة.
وأضافت جونز التي درست تجربة دولة الإمارات طوال ست سنوات، أن إعادة صياغة المجتمعات عمل شائك ومخادع، وأن نتائجها غير مضمونة. ففي الوقت الذي نجح فيه أتاتورك في جهوده الدرامية لإعادة تشكيل تركيا وفق التوجهات الغربية، نجد أن جهود الشاه في إيران أتت بنتائج عكسية تتمثل في “الثورة الإسلامية” ضد نظامه.
من أعلى لأسفل
وفي دولة الإمارات، حيث تم تطبيق مشروع مماثل تقريبا لما يريده محمد بن سلمان للسعودية، تعلم قادة أبو ظبي أن الثورة الاجتماعية لا يمكن أن تحدث بالأوامر من أعلى إلى أسفل. فهي بحاجة إلى استثمار كبير وتغييرات عميقة في البشر الذين يراد لهم التغيير.
ورغم أن السعودية ودولة الإمارات يواجهان التحديات الاجتماعية والاقتصادية نفسها، فإن هناك اختلافات مهمة بينهما. ورغم أن كلتيهما ملكيات نفطية تعتمد بشكل شبه كامل على ثراء الموارد، وبكلتيهما مجتمع محافظ اجتماعيا ونسبة كبيرة من الشباب الذين هم بحاجة للوظائف، وتتمتع كل منهما بنظام حكم ريعي يتوقع فيه المواطنون الحصول على وظائف بالحكومة مقابل قبولهم بحكم استبدادي، فإن الإمارات سبقت في البدء بتغيير مجتمعها إلى مجتمع أكثر عولمة قبل نفاد النفط.
وقالت الباحثة إن فتح دور السينما والتخفيف من التباين بين الجنسين في الحقوق والواجبات لا يكفي لبناء الاقتصاد الحديث الذي تسعى إليه الإمارات والسعودية والذي يعتمد بشكل أساسي على القطاع الخاص والمبادرات الفردية.
وأوضحت كالفيرت جونز أن نتائج دراستها للتجربة الإماراتية خرجت بأن هذه التجربة لم تنجح في إعداد شباب تخلى عن قناعته بأن من واجب الدولة توفير وظائف لهم بمؤسساتها رغم تطبيق مناهج تعليمية تركز على بناء المهارات والقدرة على الإبداع وعلى حل المشاكل، ورغم نجاحها في تطوير توجهات التسامح واحترام التعدد. وكتبت، باختصار، أن إعادة تشكيل المجتمع أسهل في تغيير التوجهات المدنية منها في تغيير التوجهات الاقتصادية.
وأشارت إلى أن تجربة غرس حبّ الوطن والاعتزاز به والاعتداد بالنفس وبناء الثقة في الشباب والإشادة المفرطة بهم التي طُبقت في الإمارات، أسفرت عن تعزيز الشعور بالتميّز لديهم وبأنهم أهل لرعاية الحكومة وتوفيرها الوظائف لهم، بالإضافة إلى نتائج أخرى بالطبع.
وبما أن مشروع ولي العهد السعودي يعتمد هو الآخر على بناء قطاع خاص ينافس في مناخ العولمة وتقليص دور القطاع الحكومي والحكومة في الاقتصاد، ويراهن على أن الحريات الفردية والتوجهات الليبرالية يمكنها تشجيع “المسؤولية المالية”، عليه أن يغيّر ذلك ويعتمد إستراتيجية أخرى، وعليه أن يدرك أيضا أن تحرير أو “لبرلة” المجتمع لا تعني بالضرورة زيادة الإنتاجية.
وتقول الكاتبة أيضا إن ولي العهد السعودي في إضعافه لمؤسسة المذهب الوهابي يعني أنه بالضرورة يتحرك نحو بناء وطنية علمانية كأساس لشرعية حكمه. لكنه إذا أراد للشباب أن يغامروا بالبحث عن الوظائف بالقطاع الخاص أو إقامة مشروعاتهم الخاصة، فعليه أن يدفعهم للتخلي عن إيمانهم بحقهم في الوظيفة الحكومية.
المصدر : واشنطن بوست