نور الدين لشهب
وجدت هذا الكتاب عند بائع كتب قديمة بالرباط، هو كتاب لأحد كبار الباحثين في العلوم الاجتماعية، جورج بلانديي، بدأت قراءته أمس، وصلت إلى فصل مخصص للمجتمع بين الحركة والثبات، وجدلية المعنى والقوة. بين المعنى الذي يحيل على قوة المجمع وعافيته، والمعنى الذي يفكك ويدمر المجتمعات، هي قراءتي الخاصة طبعا للمعنى الظاهر والمضمر للأسئلة المحرضة على البحث والكشف، بعبارة المؤلف، بلانديي.
وضعت الكتاب جانبا وقمت بجولة في المواقع والجرائد لأرى ما نشر حول الموضوع، فراغ وخواء، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
موضوع الأسرة والمجتمع ليس موضوعا سياسيا يهم هذي الحكومة أو تلك، وليس متعلقا بوزير أو برلماني أو جمعية مختلقة، بل هو موضوع يتعلق بالتاريخ القديم والحديث والسوسيولوحيا والانثربولوجيا والدين والمذهب ومقارنة الأديان.
إنه يتعلق بعلاقة المجتمع بالدولة.
مثال بسيط جدا: عندما زلزلت الأرض المغربية في مناطق مراكش وتارودانت والنواحي خرج المجتمع من تلقاء نفسه على وجه السرعة من الحسيمة والناظور في الشمال والعيون والداخلية في الجنوب والجاليات في الخارج، خرج المجتمع متطوعا باذلا الجهد، مضحيا بالغالي والنفيس لتقديم المساعدات ولم ينتظر توجيها من حزب سياسي ولا حركة دعوية بل ولا خطابا أو توجيها من ملك البلاد نفسه!
المجتمع نظم نفسه بنفسه وأعطى درسا كبيرا جدا شهدت به صحف العالم، بل منهم من تفاجأ، ما السبب؟؟
الجواب هو أننا في المغرب نمتلك الإنسان. وهو الرأسمال الحقيقي لأي تجربة نهضوية حقيقية.
وهنا أضيف، لو كانت الحدود مفتوحة بين المغرب والجزائر لرأيت المجتمع الجزائري في المدن الحدودية يتحرك أيضا للوقوف إلى جانب إخوانه المغاربة دون انتظار مسرحيات دولته بالمطار !
باختصار شديد: التاريخ المغربي يقول لنا بأنه عندما كانت تضعف الدولة المركزية يحافظ المجتمع على استمراريتها، وهناك أمثلة كثيرة جدا من تاريخ المغرب، والسبب أن المغرب يمتلك الإنسان.
فهل المدونة الجديدة ستراعي الإنسان المغربي بصرف النظر عن جنسه أم ستخدم جهات خارجية استعمارية كولينيالية تعمل على تفكيك الإنسان المغربي الذي نراه حاضرا في زمن الأزمات والكوارث والجوائح كما يشهد على ذلك التاريخ المغربي القديم والحديث وتعضده نظيمة المخزن لاستمرارية الدولة؟؟
هذا هو السؤال…. هذا هو السؤال !!!!
ملحوظة: كتاب بلانديي قديم ولكن اقتنيته بثمن 200 درهما، وتحت الطلب القبلي.
أضف تعليقك