القصة بدأت حين توصل فريق موقع إفادة بمعلومات تفيد أن شبكة عالمية تعمل في مجال انتاج الأفلام الإباحية تنشط في العالم الافتراضي وتستهدف الفتيات القاصرات بالمغرب.
فقررنا النبش في “مسرح الجريمة “، دافعنا الوحيد كشف هاته الشبكة، وإنقاذ من يمكن انقاذهن من الفتيات البريئات، وكذا تنبيه العائلات لخطورة ما يقع في هذا العالم الافتراضي.
من الانستغرام كانت البداية:
“زينب” ذات الستة عشر ربيعا كاد شغفها بتطبيق “الانستغرام” يوقعها في شراك شبكة منظمة تستدرج المراهقات من المغرب لتصوير مشاهد “بورنوغرافية” تباع بمواقع خاصة بالممارسات “الشاذة” جنسيا.
زينب وهو الاسم المستعار الذي اخترناه لها، قادتها الصدفة وولعها بجديد عالم الموضة إلى التوصل برسالة مجهولة من حساب على “تطبيق الاسنتغرام” يعود لسيدة أمريكية، ادعت انها تمثل شركة اجنبية متخصصة في الموضة، لتعرض عليها الالتحاق للعمل معها بنفس الشركة العالمية، كعارضة على صفحة “فريق الأقدام الجميلة”.
الوظيفة أن تصور رجليها فقط، وترسلهم للمسؤولين على الإعلانات بموقع الشركة، مقابل ألف وخمسمائة دولار، أي ما يعادل مليون ونصف سنتيم.
لم يرد بخلد الفتاة المراهقة انها تتواصل مع من ترغب باستغلال جسدها والمتاجرة به في سوق الأفلام الإباحية وان ما ستقوم بعرضه هو جزء من جسدها وليس أحدث الماركات العالمية كما ظنت. غرابة الامر جعلها تطرح سؤالا حول الموضوع في إحدى المجموعات النسائية المغلقة على الفايسبوك، ” لبنات واش عادي شركة أجنبية تهتم بالموضة تطلب منك تصوير رجليك فقط ويخلصوك مزيان؟؟
ما إن وقعت عيناي على سؤالها داخل نفس المجموعة النسائية بحكم عضويتي بها حتى انتابني الشك وبادرت بسؤالها على الخاص عن المغزى من سؤالها فأخبرتني بأمر السيدة التي تواصلت معها وهنا تأكدت شكوكي.
انتحال صفة مراهقة:
لم يكن الطريق سهلا أمامي لفك لغز “الأقدام الجميلة”، كان يلزمني إقناع الفتاة باستخدام حسابها لكشف هوية الشركة وطبيعة عملها في وقت قياسي وبعد محاولات عديدة تمكنت من كسب ثقتها بعد أن وعدتها ان لا أفصح عن اسمها او هويتها في التحقيق الذي اعتزمت إجراءه أيا كانت العواقب. هكذا دخلت على الخط وتواصلت مع السيدة الأجنبية على أساس أني “زينب” مبدية موافقتي على العرض بعد طرح بعض الأسئلة عليها، حينها أخبرتني أنها ستحيلني على ممثل لهم بالمغرب ليشرح لي المطلوب مني بالضبط، وأن أبقى على تواصل دائم معه لتأطيري بدلا عنها.
شاب مغربي حاول تجنيدي ضمن الشبكة
بعد 24 ساعة وصلتني رسالة على الواتساب من رقم مغربي، قدم نفسه انه ابن القنيطرة ويعمل مع الشركة المذكورة هو ومجموعة اخرين من المغاربة في مدن أخرى، ثم استرسل في شرح كيف ان “شركة الموضة” هاته هي شركة كندية مقرها في أمريكا، كانت تنشط على مستوى أمريكا وأروبا وكندا وحولت نشاطها مؤخرا لشمال افريقيا.
الشركة كما شرح لي تعتمد على فريق منظم يتحرى الدقة في اختيار العارضات من ذوات الأرجل الجميلة فهذا الشرط أساسي لشغل وظيفة عارضة والحصول على عائد مادي جد مهم، خاصة إن حصلت الصورة على نسبة عالية من المعجبين اذ ذاك يتم الانتقال الى المرحلة الثانية وهي تصوير أربعة صور وأربعة مقاطع فيديو بشكل يومي.
اما الوظيفة الثانية فتكمن في استقطاب فتيات جديدات من ذوات “البروفايلات” الملفتة واقناعهن بالعمل على انتاج صور وفيديوهات خاصة بصفحة “فريق الأرجل الجميلة”، دون الحاجة الى تصوير الوجه وباقي أعضاء الجسد في محاولة منه لاستدراجي لمرحلة أخطر ظنا منه أني مراهقة وقعت في شراكه.
صفحة فريق الأقدام الجميلة team pretty feet
للوهلة الأولى تكاد تجزم أنها صفحة اشهارية لنوع معين من طلاء الأظافر أو كريم مرطب للقدمين لما تقع عيناك على صور مختلفة لأقدام وسيقان نسائية قاسمها المشترك الجمال والتناسق، وعند تحريك الصفحة للأسفل تكتشف انها إلتقطت بطريقة لا تخلو من إثارة، كما يمكنك رؤية فيديوهات تركز على القدمين باعتماد إيحاءات جنسية تثير غريزة المشاهد، والملاحظ أن بعض العارضات ترتدين أقمصة عليها صورة لقدم كتب عليها اسم الصفحة بالانجليزية team pretty feet.
مشوار التنازل يبدأ بخطوة:
بالعودة إلى المسؤول عن تجنيد القاصرات خلال اليوم الموالي أخبرته أنني اقتنعت بأرسال صور قدمي بعد تزيينهما بطلاء الاظافر، بعدها طلب مني تصوير مقاطع فيديو تحتوي على مقاطع جنسية سادية، حينها طلبت منه أن يرسل لي نموذجا حتى أتمكن من تصوير المشهد كما ينبغي، فكانت الصدمة حين أرسل لي فيديو يضم مشاهد جنسية سادية لقاصرتين تتحدثان لغة انجليزية ركيكة تنطق احداهما في اخر المشهد كلمة “صافي” باللهجة المغربية بعد أن أسرفت زميلتها في تعذيبها.
صور الأرجل تمهيدا لما هو أخطر:
كشف الحديث مع عضو الشبكة والإطلاع على الصور والفيديوهات، إضافة إلى المبلغ المرتفع الذي تحصل عليه العارضة التي تحرس على عدم افتضاح أمرها طالما لم يظهر وجهها أن تلك الأفلام المنتجة بالمغرب تباع لمواقع إباحية عالمية تختص بالممارسات الجنسية “الشاذة” او ما يعرف بفتيشية القدم او feet fetishism، مقابل أموال كبيرة.
هذا ما قاله أستاذ علم النفس الاجتماعي “محسن بنزاكور” بهذا الخصوص:
الفيتيشيزم حسب الاخصائي بنزاكور هو ” كل ما يثير جنسيا خارج الإطار العادي للحياة الجنسية سواء أكان جزء من الجسد أو اللباس أو جزء من اليد او الثدي أو المؤخرة شرط ان تثير الشهوة الجنسية، ولا يمكن أن تتم المعاشرة إلا بعد إثارة هذا الجزء وأحيانا يكتفي الشخص به دون سواه، ويسمى في بعض المراجع النفسية إنحرافا وقد يصل الى درجة الإضطراب النفسي.
خطر “الفيتيشيزم” على المراهقين والمجتمع:
شدد الأستاذ محسن بنزاكور على خطورة هذا الامر على المراهق باعتباره في بداية اكتشاف الآخر، الأمر الذي يجعله أكثر اندفاعية وفضول وشغف لمعرفة هذا الآخر، وبالتالي يكون بصدد مواجهة بين قلة تجاربه مع قوة الرغبة الجنسية فيستسلم لإغراءات المواقع الإباحية التي تشبع رغباته، في ظل غياب المصاحبة على المستوى التعليمي وسيطرة الطابو على العقلية المغربية.
وهو ما اعتبره الدكتور فرصة تستغلها شبكات عالمية للإيقاع بهذه الفئة، للمتاجرة بأجسادهم على المواقع الإباحية في الانترنت.
شبكات عالمية منظمة برؤوس أموال ضخمة سوقها عالم الانترنت.
بعد تجارة السلاح والمخدرات يحتل مجال الدعارة المرتبة الثالثة على مستوى العالم، وتشغله لوبيات لا تجد صعوبة في تسخير علماء نفس واجتماع مختصين في دراسة نفسية الفئة المستهدفة، تبتكر باستمرار طرق جديدة لاستقطاب واستغلال المراهقات في عالم “نخاسة الجسد”، يدرك خبراؤها جيدا خصوصية كل مجتمع فيتبعون الطريقة التي تناسبه،
عبر هذا التحقيق نفتح الباب على مصراعيه أمام أسئلة تفرض وجودها لتدق ناقوس الخطر المحيق بأبنائنا من قبيل:
متى سنعمل بجدية في التفكير في قانون أو إجراء يحمي أطفالنا ومراهقينا من خطر الانترنت؟
أليس من الواجب علينا تحصين أبنائنا قبل السماح لهم بدخول عالم الانترنت عبر إدراج التربية الجنسية في المناهج الدراسية وتكسير الطابو؟؟.
أضف تعليقك