الدروس المستخلصة من حرب روسيا على أوكرانيا(11)
بقلم : الأستاذ إدريس الكتامي
كشفت الحرب على أوكرانيا النقاب على المنظومة المؤسساتية للقانون الدولي ولمنظمة الأمم المتحدة ،هذه الأخيرة التي تأسست سنة 1945 بعد الحرب العالمية الثانية وكانت الغاية من تأسيسها حسب ميثاقها، هي المحافضة على السلم والأمن الدوليين وتنمية العلاقات بين الدول على اساس احترام المساواة في الحقوق وعدم التمييز بين الشعوب بسبب العرق أو الجنس او الدين او اللغة …
لكن الممارسات العملية وكيفية تعاطي المنظمة مع القرارات الدولية والأزمات العالمية خاصة منها التوثرات الجيوسياسة والحروب بالوكالة سواء خلال حقبة الحرب الباردة او بعدها، اتبتت فشل وقصور هذه المنظمة وعدم فاعليتها، خاصة إذا كان أحد أعضائها المؤسسين أو أحد حلفائهم طرفا في النزاع
حيت هناك مجموعة من القرارات الأممية والمشروعة بقيت حبرا على ورق أو لم يسمح بتنفيذها بسبب اعتراض إحدى الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن عليها ،هذا المجلس الذي يعد أبرز أجهزتها التقريرية والمسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين طبقا للفصل السابع من ميثاقها، يبقى مرهون بيد وإرادة الاعضاء الخمس الذين يتمتعون بحق النقض ” الفيتو” ( الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا الاتحادية ،الصين ،المملكة المتحدة وفرنسا ) وهم الدول التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية
هذا الامتياز الذي خوله الميثاق المذكور لهذه الدول والتي أصبحت تسمى بالقوى العظمى ،تم استغلاله من طرفهم بشكل غير ديمقراطي مما أدى إلى فشل كبير في عملية صنع القرار الدولي وأصبح يهدد السلم والأمن العالمي ويخالف المباديء والأسس التي تأسست المنظمة من أجلها، كما أن الانشقاق الحاصل بين هذه القوى فتح المجال لانتهاك القوانين والأعراف الدولية ،كما كان الحال في غزو العراق وأفغانستان من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وضم شبه جزيرة القرم وغزو أوكرانيا من طرف روسيا الاتحادية …
كل هذا جعل منظمة الأمم المتحدة أبعد من أن تكون متحدة باعتبار أن الأعضاء المؤسسين اصبحوا يدوسون على مبادئها وقوانينها خدمة لمصالحهم وتكريسا لهيمنتهم على ثروات الشعوب والدول …
لذلك نعتقد أنه قد حان الوقت لإعادة النظر في هيكلة هذه المنظمة وإعادة صياغة القوانين الدولية بشكل يحقق المساواة والعدل بين جميع الدول ويحترم سيادتها ويحافظ على ثرواتها ،وفي نظرنا فإن الضروف التي أدت إلى تأسيس هذا النظام العالمي الغير متكافيء هي نفس الضروف التي ستؤدي إلى زواله للأسف….