الإثنين ٢٧ مارس ٢٠٢٣

الدروس المستخلصة من حرب روسيا على أوكرانيا (10)

الخميس 19 مايو 13:05

يتضح أن هذه الحرب ليست مجرد صراع حول السيادة على الحدود او الحفاظ على الأمن القومي كما يسوق لذلك عبر وسائل الإعلام، وإنما الأمر يتعلق بصراع جيوسياسي اديولوجي واقتصادي ،هو من مخلفات الحرب الباردة ،
فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينات من القرن الماضي، تحول النظام الدولي إلى نظام أحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة، هذه الزعامة ستتمرد عليها روسيا في مؤتمر ميونيخ سنة 2007 حينما أعلن الرئيس بوتين ان الأحادية القطبية لم تعدد مقبولة او ممكنة كما حذر من تمدد حلف الناتو إلى الشرق وأعرب عن رغبته وطموحه في إنشاء اوراسيا، ليصبح بذلك منافسا حقيقيا للاحادية القطبية بقيادة أمريكا، خاصة إذا علمنا أن  الطبيعة المتغيرة للنظام الدولي تنبأ بحدوث تغيرات جدرية في خريطة الصراعات والتحالفات بين الغرب والشرق وأن آليات الصراع تغيرت لصالح التوازنات بين التكتلات الاقتصادية الكبرى على حساب الصراعات العسكرية والاديولوجية ، بعد تعافي روسيا بوتين وتمدد نفوذها السياسي والعسكري وحتى الاقتصادي عبر القارات وبروز الصين كقوة اقتصادية وعسكرية عملاقة إضافة إلى الهند والبرازيل….
وهي مؤشرات قوية لرسم ملامح النظام العالمي الجديد الذي أصبح  يهدد مصالح أمريكا والغرب ، فكان لابد للتصدي لهذا الزحف الروسي الصيني وذلك باعتماد سياسة العقوبات الاقتصادية الأحادية وشن حرب اقتصادية على الصين واستدراج روسيا إلى حرب استنزاف عسكرية واقتصادية ….
وفي رأينا المتواضع فإن هذه الخطوات التي أقدمت عليها الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن موفقة خاصة وأنها اختارت التوقيت الخطأ خاصة إذا علمنا أن الإقتصاد العالمي لم يتعافى بعد من مخلفات جائحة كورونا من جهة ونظرا لطبيعة وحجم الدول المستهدفة ،باعتبار أن لذى روسيا من المقومات والمؤهلات العسكرية والاقتصادية ما يجعلها تصمد طويلا في هذه الحرب وان تقاوم تأثيرات العقوبات الاقتصادية بل يمكن أن تنقلب هذه العقوبات على الإقتصاد الأمريكي الذي بلغ مستوى التضخم به منذ بداية الحرب إلى 7% كما أن اعتماد الدول الأوروبية على الغاز الروسي من شأنه إضعاف اقتصاد الدول الأوروبية… ويكفي ان اشير هنا الى ان اقوى اقتصاد بأوروبا وهو الاقتصاد الالماني هو على  حافة الإفلاس أما على المستوى العسكري فإن من شأن الضغط على روسيا من خلال تقديم الدعم العسكري إلى أوكرانيا بشكل مبالغ فيه ان يؤدي إلى حرب كونية ستكون حتما نووية ومذمرة، وهذا ما جعل عراب السياسة الخارجية والديبلوماسية الأمريكية ” هنري كيسنجر ” يصرح ” كان على أمريكا عدم استعداء روسيا لأنها سوف تحتاج إلى قوتها في المستقبل لمواجهة الصين ” وهنا اوافقه الرأي باعتبار أن الصين هي المرشحة لقيادة العالم في المنظور المتوسط ،واستحضر هنا مقولة ” نابليون بونابرت “
”  دع الصين تنام لأنها عندما تستيقظ ستهز العالم ” .

أضف تعليقك

المزيد من مقالات

الأحد ٢٨ أغسطس ٢٠٢٢ - ٠٩:٢٢

موقف إمانويل كانط من عقيدة التجسيم وعقيدة التأويل

السبت ٠٦ أغسطس ٢٠٢٢ - ١١:٠٣

التنشيط في وزارة ثلاثية الابعاد “وزارة الشباب والثقافة والتواصل نموذجا “

الخميس ٢٥ أغسطس ٢٠٢٢ - ٠١:٣١

عند رخصو .. تخلي نصو

السبت ٢٦ مارس ٢٠٢٢ - ١٢:١٢

الدروس المستخلصة من حرب روسيا على أوكرانيا(3)