
الثقافة والنوم في العسل
محمد المصباحي
تعويدة أتعمد أن أنشرها كل سنة، اتقاء سؤال لا أحب أن يطرحه علي أحد.
ما رأيك في الدخول الثقافي لهذا العام؟؟
نفس السؤال يتكرر كل سنة، ربما ليحجب سؤالا آخر أكثر أهمية، ما رأيك في الخروج الثقافي للسنة الفارطة؟
سؤال استفزازي سفيه، لا يمكن أن يطرحه عاقل، ولا يمكن أن يجيب عنه عاقل، وحتى لو افترضنا أن كائنا فضائيا جاء من المريخ أو من أي كوكب بعيد، وطرح السؤال وأقسم بأغلظ الإيمان على حسن طويته، لا أدري بأي إله أو قيمة مثالية سيقسم، وجب أن نشك في سلامة عقله، وأن نتجاهله ونكظم غيظنا… وإذا تحدانا ووجه سؤاله لحكومتنا، في شخص وزارة لا زالت تصرّ على أن تضمن اسمها كلمة ” ثقافة”، وجب أن ننبهه إلى أننا نحرص شديد الحرص على نوم وزارتنا، المحسوبة على ثقافتنا وهويتنا، في العسل، ونرفض رفضا باتا أن يوقظها أحد، بدعوى الدخول أو حتى الخروج .
في بلد سرّح جميع مثقفيه، وأتلف قاعاته السينمائية وهدم مسارحه وأغرق مكتباته بالتافه و المبتذل من المؤلفات والكتب الصفراء وخرّب تعليمه، وحوّل جامعاته إلى متاحف للجهل والإعاقة ومقرات للدراويش والدعشنة وقراء الفناجين المقلوبة، يصبح مثل هذا السؤال مثيرا للضغينة وإفسادا للنوم العسلي…
كلما أثير هذا السؤال، خطر ببالي بابٌ مقوّس مبنيٌ بالاسمنت والياجور في الخلاء، جنب الطريق، يمر به المسافرون بين الجديدة ومراكش، أعتقد أن مجلسا قرويا بتلك الناحية كان ينوي بناء سوق أسبوعي هناك، لكنه فضل بمجرد بناء الباب أن يأكل ميزانية السوق، فأرض الله كلها أسواق… وبقي الباب منتصبا كتمثال إغريقي حزين، صامت، عندما تتعمد أن تمر من خلاله، لا تدري هل أنت داخل أم خارج… داخل إلى أين أم خارج من أين؟
التعاليق