يستلهم الفنان الإماراتي محمد أحمد إبراهيم أعمال معرضه “عناصر”، الذي افتتح في 7 مارس الماضي في أروقة مؤسسة الشارقة للفنون ويستمر لغاية 7 يونيو 2018، من وحي الطبيعة في مسقط رأسه “خورفكان” على الساحل الشرقي لدولة الإمارات العربية المتحدة، مقدّماً ممارسة فنية تمتاز بالخصوصية والفرادة، سواء في لوحاته، أو رسوماته، وصولاً إلى أعمالهالنحتية والتركيبية.
ويستكشف المعرض مختلف الأنماط التي يعمل عليها إبراهيم، متتبعاًمشاغله الفنية والجمالية، كاستخدامه المتواليات الهندسية، واهتمامه بما يتهدد الطبيعة جراء التنمية الحضرية. وتتجلى هذه المشاغل في أعماله ثنائية الأبعاد من الخطوط والرموز على الورق والكرتون والقماش. ويمكن ملاحظة انشغاله بالطبيعة وفن الأرض أيضاً في الأدوات التي ينتجها والمواد التي يستخدمها، مثل القش والطين، والعناصر الطبيعية المرتبطة بالبيئة.
وحول استضافة المعرض قالت حور بنت سلطان القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون: “يسعدنا في مؤسسة الشارقة للفن ونحن نقدّم أول معرض فردي لمحمد أحمد إبراهيم بوصفه واحداً من رواد الفن المفاهيمي في دولة الإمارات العربية المتحدة”. وأضافت “طوّر إبراهيم لغة بصرية معاصرة تلتقي فيها البدائية مع اللاوعي، وعالجت أعماله على مدى ثلاثة عقود الآثار المخيفة للتنمية الحضرية على البيئة الطبيعية، مما أثار قضايا بالغة الأهمية تؤثر علينا جميعاً”.
كما يمثل العملان التركيبيان الجديدان الذين أنتجا بتكليف من مؤسسة الشارقة للفنون، توسعاً في ممارسات إبراهيم التأملية في الرموز والخطوط واهتمامه بالطبيعة، واجداً فيها لغة خاصة به، تتناول علم النفس واللاوعي عند البشر، والأعمال الدنيوية التي يؤدونها، والفضاء الذي تحيا فيه هذه الرموز. قام إبراهيم في “بيت الحرمة” في الشارقة، برسم مجموعة من الرموز على كامل جدران المبنى، دامجاً شكلاً جديداً من اللغة مع تاريخ المكان. بينما ينتقل في “بيت حسين مكراني” في منطقة الشارقة للتراث، من استخدام الورق، والورق المقوى، والقماش، والطين، ليقوم بتدخل أكبر في المبنى من الداخل، عبر استخدام الفحم لرسم خط على الأرضية، مغلفاً النباتات بالقماش، ومؤكداً من جديد على التداخل بين زوال الطبيعة وصعود التنمية الحضرية.
وعن رؤيته الفنية واهتمامه بالبيئة قال محمد أحمد إبراهيم “الأرض أو الفن في الطبيعة، هو بالنسبة لي ليس مجرد نحت أو عمل تركيبي يوضع في الفضاء الطلق، إنماهو أيضاً سؤال عن طبيعة المواد المستخدمة لإنجاز هذه الأعمال، فمنحوتاتي وتراكيبي الأرضية والمشاريع التي أنفذها في الموقع، وبشكل مباشر على جسد الأرض، مستخدماً المواد المتاحة في الموقع مثل الأحجار والأشجار، ولا أكسر غصناً ولا أؤذي أرضاً، أكتفي بالبقايا وما ترميه الطبيعة على الأرض من أغصان وأوراق جافة”.
ويأتي ذلك من إيمان إبراهيم بأن”القطعة النحتية تتكون من إعطائها بعداً آخر إضافياً، وأن تغني جسد الأرض وتبتعد عن التجريح أو السلب لهذا الجسد، فدائماً ما يأتي الإلهام من أشياء أوجدتها الطبيعة، وما على الفنان إلا الالتفات لها والتناغم مع روح الموقع من خلال الحنو على خشبة أو جذع شجرة أو حجر أو أي شيء آخر يمكن أن يؤدي إلى تجسيد الفكرة وتأكيدها، لذلك من الأهمية بمكان، الأخذ بعين الاعتبار نوعية المواد ومكان المنحوتة أو التراكيب الأرضية التي لابد أن تكون علاقتها منسجمة مع الموقع والمشهد الطبيعي للأرض بدون نشاز، ولا أن تؤدي إلى تشوّه أو تلوّث”.
يعتبر إبراهيم أن أفكاره تتجسد أثناء عمله، وتتفوق لديه عملية الإنتاج على العمل، واجداً المتعة بالتعامل مع المادة واستكشاف أسرارها وجوانبها المختلفة، وتحديداً المواد الطبيعية التي يصفها بـ “الجميلة”، وما الجمال بالنسبة إليه إلا مفهوم نسبي. ليتحول العمل الفني لديه إبراهيم في مرحلة ما بعد الإنتاج، إلى كائن مستقل خاص له هويته وشخصيته، مشبهاً تنامي العمل الفني بتربية الأبناء، فما أن يزرع الركائز الأساسية حتى يترك العمل على طبيعته، ليتأقلم مع أي محيط يوجد فيه، الأمر الذي يضفي عليه ما يصفه الفنان بـ”سهولة التعايش”.
عن محمد أحمد إبراهيم
عرضت أعماله في معارض عديدة مثل: أبوظبي للفنون (2017)؛ صورة أمة، برلين (2017)؛ غاليري كوادرو، دبي (2013، 2015، 2016)؛ جناح دولة الإمارات العربية المتحدة، بينالي البندقية (2009)؛ مركز خورفكان للفنون (2009)؛ جناح دولة الإمارات العربية المتحدة، معرض سرقسطة، إسبانيا (2008)؛ ملتقى لودفيغ للفن الدولي، آخن، ألمانيا (2002)؛ بينالي داكا، بنغلاديش (1993، 2002)؛ بينالي هافانا، كوبا (2000)؛ بينالي القاهرة الدولي (1998، 1999)؛ الفن الإماراتي المعاصر، معهد العالم العربي، باريس (1998)؛ معرض الستة، متحف الشارقة للفنون (1996)؛ الفن الإماراتي، كونستنتروم سيتارد، هولندا (1995)؛ معرض الخمسة، جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، الشارقة (1994)، ومعرض لجمعية الإمارات للفنون الجميلة في الاتحاد السوفيتي، موسكو (1990). تم عرض أعماله منذ عام 1986 بشكل متكرر في المعارض السنوية لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية في الشارقة، كما تم عرضها في بينالي الشارقة 1،6،8، فضلاً عن العديد من المعارض الإقليمية والدولية الأخرى. ويشكل عمله جزءاً من مقتنيات مؤسسة الشارقة للفنون، ومتحف الشارقة للفنون، ومركز كونتسنتروم سيتارد في هولندا.
شارك إبراهيم في إقامات الفنانين في “ترانز إنديان أوشن أرتيست إكسهانج”، بينالي كوتشي مورزي، (2016)؛ A.i.R دبي (2015)؛ لي كونسورتيوم، ديجون، فرنسا (2009) وكونستنتروم سيتارد، هولندا (1996-1994، 2000-1998). حصل على الجائزة الأولى للنحت في بينالي الشارقة في عامي 1999 و2001. وهو عضو في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية منذ عام 1986، وأسس مرسم الفن في مركز خورفكان للفنون في عام 1997.
أضف تعليقك